هيكلية تنظيم الإخوان

لدى جماعة الإخوان المسلمين هيكيلية "تربوية" تتدرّج حركياً وتنظيمياً من الدائرة الأصغر إلى المجموعة الأكبر في التنظيم[1]:

· الأسرة: وهي أصغر وحدة تنظيمية في الجماعة، والمسؤول عنها يسمي نقيب الأسرة، وفيها يدرس الأفراد مناهج تربوية مقررة من قبل قيادة الجماعة تهدف لتكوين شخصية المنتسب للجماعة وتصحيح ودراسة العقيدة حسب مفهوم دعوتهم وتوثيق الروابط بين أفرادها وزيادة التعارف والتفاهم والتكافل فيما بينهم ويكون لهم لقاء أسبوعي.

· الكتيبة: وهي تجمع أكبر من الأسرة وتضم عدة أسر، ويلتقي أفرادها مرة شهرياً ويبيتون سوياً في مكان واحد، وتهدف الكتيبة إلى تنمية الجانب الروحي لدي أفراد الأسر وتقوية صلتهم بالله عن طريق النوافل وقيام الليل والتزوّد بالعلم والمعرفة الشرعية وعقد المزيد من الترابط الإجتماعي لدى عدد أكبر من الإخوان، وتعقد تلك التجمعات الشهرية لتدريب الإخوان على الطاعة والانضباط ومجاهدة النفس والتعود على خشونة الحياة ومحاسبة أنفسهم بأنفسهم، ولذلك يوزع أمير الكتيبة كشفا لمحاسبة النفس على كل عضو.

· الرحلة: وهي وسيلة تربوية متممة للوسائل التربوية الأخرى لدى الإخوان، وهي مثل الكتيبة تغلب عليها التربية الجماعية، وفيها يتاح للمشاركين الحرية في الحركة والتريض والتدرّب البدني والصبر على بذل الجهد وتحمل الجوع والعطش، بمقدار لا تسمح به ظروف لقاء الأسرة ولا ظروف لقاء الكتيبه. والأصل في الرحلة أن تكون لعدة أسر إخوانية وقد تكون لمجموعة من المنضمين انضماماً عاماً أو أخوياً، والمكان الأفضل للرحلة عادة ما يكون بعيداً عن ضوضاء المدينة في أماكن خالية صحراوية أو ريفية، وقد تكون الرحلة للإخوان العاملين، أو لعائلات الإخوان، لزيادة التعارف والمودة مع مراعاة ألا يختلط الرجال بالنساء، أو تكون رحلة خاصة لأبناء الإخوان أو بناتهم، أو رحلة للدعاة من الإخوان.

· المعسكر أو المخيم: تعتبر المعسكرات في تاريخ الجماعة امتدادا وتطبيقا لنظام الجوّالة (الكشافة). وبدأ استخدام هذه الوسيلة مع بداية نشاة الجماعة، وتهدف إلى التجميع والتربية والتدريب وإكساب الإخوان مهارات قيادية وإدارية وتعويد المشاركين في المعسكر على ممارسة الحياة العسكرية الخشنة والصبر والالتزام وطاعة الأوامر دعما لفكرة الجهاد في سبيل الله، وتكون مدة المعسكر، لغير الطلاب، من يومين إلى ثلاثة أيام، وقد يمتدّ وقت معسكر الطلاب أثناء عطلة المدارس والجامعات من أسبوع إلى فترة الصيف كله.

· الدورة: وفيها يتجمع عدد من الإخوان في مكان خاص لتلقي أنواع من المحاضرات والتدريبات حول موضوع معين من المواضيع التي تتعلّق بالعمل الإسلامي كما هو مقرر في منهاج تربية الجماعة، ومن أهداف تلك الدورات تقديم دراسات متخصصة حول موضوع محدد قد يكون علمي أو تربوي، والأساتذة المستعان بهم في الدورات يكونون على أكبر قدر من الخبرة والتخصص في الموضوع المدروس، ويحدّد موضوع الدورة مسبقاً بعد الحوار وتبادل وجهات النظر بين قيادات الجماعة.

· الندوة: وفيها يتم استضافة عدد من الخبراء والمختصين للمشاركة في دراسة موضوع أو تقييم مشكلة وإقتراح حلول لها، ولا يشترط أن يكون المدعوون أو المحاضرون من الإخوان، وتعتبر الندوة وسيلة تربوية ثقافية وفكرية تزيد من الرصيد الثقافي عند المشاركين وتمكنهم من الإلمام بظروف وحيثيات مشكلة من المشكلات وإبتكار أنسب الحلول لها.

· المؤتمر: ويضم حشداً كبيراً من المشاركين من عدة مناطق، وغالبا ما يكون المساهمون بالمؤتمر قد أعدوا أنفسهم لتقديم بحث جديد أو دراسة حديثة في الموضوع المطروح للنقاش بالمؤتمر، وتنمي تلك المؤتمرات لدى الحاضرين الجانب الثقافي والفكري، وفي المؤتمر العام للإخوان الأول والثاني والثالث تم إتخاذ قرارات بإنشاء أول مكتب إرشاد وتحديد الهيكل التنظيمي للجماعة، وأهداف ووسائل الجماعة، وإتخاذ قرار بإنشاء "جريدة الإخوان المسلمون" وتكوين شركة لإنشاء مطبعة خاصة لجماعة الإخوان.

وقد تعاقب على قيادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر منذ تأسيسها ثمانية مرشدين هم:

1. حسن البنَّا (1928 – 1949)
2. حسن الهضيبي (1951 - 1973)
3. عمر التلمساني (1974 – 1986)
4. محمد حامد أبوالنصر (1986 – 1996)
5. مصطفى مشهور (1996 – 2002)
6. مأمون الهضيبي (2002 – 2004)
7. محمد مهدي عاكف (2004 - 2010)
8. محمد بديع (2010- حتى الآن)[2]

وحسب النظام العام للإخوان لسنة 1994، يُنتخب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر عن طريق مجلس الشورى العام ويجب أن يكون قد مضى على إنتظامه في الجماعة بمرتبة (أخ عامل) مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة هلالية ولا يقل عمره عن أربعين سنةً هلاليةً، وبعد إنتخابه يبايعه كل أعضاء الجماعة بما فيهم كافة فروع الجماعة خارج مصر، وعلى المرشد العام التفرغ تماماً لمهام منصبه فلا يجوز له المشاركة في أي أعمال أخرى عدا الأعمال العلمية والأدبية بعد موافقة مكتب الإرشاد عليها، ويظل المرشد في منصبه لمدة ست سنوات متتالية قابلة للتجديد مرة واحدة، ويختار المرشد العام نائباً له أو أكثر من بين أعضاء مكتب الإرشاد العام، وفي حالة وفاته أو عجزه عن تأدية مهامه، يقوم نائبه بمهام عمله إلى أن يجتمع مجلس الشورى العام لانتخاب مرشد جديد، وكذلك يمكن لمجلس الشورى العام ان يُنحي المرشد إذا خالف واجبات منصبه. غير أن إنتخاب المرشد العام يتم حالياً بواسطة أعضاء مكتب الإرشاد لاحتياطات أمنية تحول دون إجتماع مجلس الشورى العام، حيث قامت قوات الأمن المصرية في عام 1995م بالقبض على غالبية أعضاء مجلس الشورى العام أثناء اجتماعهم، وتم تحويلهم إلى محاكمات عسكرية حكمت على كثيرين منهم بالسجن مدداً تتراوح من ثلاث إلى خمس سنوات.

ويتكون أعضاء مكتب الإرشاد العام حالياً من: محمد بديع (المرشد العام للجماعة)، محمد حبيب (النائب الأول للمرشد)، خيرت الشاطر (النائب الثاني للمرشد)، حسن هويدي (نائب المرشد العام بالخارج والمراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سوريا)، إبراهيم منير (المتحدث باسم الإخوان المسلمين بأوروبا)، محمود عزت (أمين عام الجماعة)، الشيخ محمد عبدالله الخطيب (مفتي الجماعة)، جمعة أمين (أحد أهم مفكري الجماعة والمؤرخ الرسمي للإخوان)، محمد مرسي (أصبح رئيس مصر لمدة سنة واحدة فقط ثم تم إسقاطه في ثورة 30 يونيو 2013)، رشاد بيومي (مسئول قسم الطلبة بالجماعة)، محمود غزلان (الأمين العام السابق للجماعة)، محمد هلال (كان قائم بأعمال المرشد بعد وفاة المرشد السابق مأمون الهضيبي وحتي تولي المرشد الحالي محمد مهدي عاكف)، محمد علي بشر، عبدالمنعم أبو الفتوح، محمود حسين، لاشين أبو شنب، صبري عرفة. وفي صيف عام 2008 قام أعضاء مجلس شورى الجماعة العام (البالغ عددهم تسعين) بإنتخابات جزئية لتصعيد أعضاء جدد لمكتب الإرشاد العام وتم إنتخاب خمسة أعضاء هم: محمد سعد الكتاتني (رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري)، أسامه نصر الدين (رئيس قسم التنمية الإدارية بالجماعة)، محي حامد (عضو مكتب الأمانة العامة للجماعة)، محمد عبدالرحمن، عصمت الحسيني (عضو المكتب السياسي للجماعة).

وقد تم تصميم الشعار الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين باللون الأخضر وفيه سيفان متقاطعان يحيطان بصورة المصحف الشريف باللون الأحمر، وكلمة (وأعدوا) المستوحاة من سورة الأنفال في القرآن الكريم ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾[3]، وهي تُعبر عن منهجية عمل الجماعة وأهدافها العامة. 


ومنذ وصول تيارات الإسلام السياسي إلى الحكم، بدأ الحديث ينتشر عن جماعة الإخوان المسلمين وأساليبها الحركية، وقد أشار الكثير من العارفين بدواخل هذا التنظيم السري إلى تبنيه خططاً قديمة تهدفُ إلى السيطرة على كل مفاصل الدولة، ويشير إلى ذلك الكاتب ثروت الخرباوي – الذي كان أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين في مصر وإنشق عنهم بعد أن إكتشف حقيقتهم – وقد تحدث عن خطة التمكين الإخوانية[4]

إن المتابع لما يسود الحالة السياسية في الأقطار العربية المحكومة إخوانياً يلحظُ لأول وهلة صدى "خطة التمكين" التي تتضمن ثلاث مراحل وهي مرحلة نشر الرجال ثم مرحلة نشر الأفكار وأخيرا مرحلة تنفيذ الأفكار. وتعززت خطة التمكين المُعدّة من قبل حسن البنا (عام 1934) بالعديد من الخطط المكملة لها والتي مثلت ترجمة وتفصيلا وتفسيرا للخطة الرئيسية القديمة.

ومن أهم تلك الخطط المكملة "وثيقة فتح مصر" التي أعدّها خيرت الشاطر - نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين - وقد نُشرت تلك الوثيقة في مجلة المصوّر المصرية العدد رقم 4234 بتاريخ 02/12/2005، وقال ناشرها آنذاك أن تلك الخطة قد تمّ وضعها وإعدادها قبل الانتخابات التي جرت في شهر سبتمبر 2005. وقد سارعت جماعة الإخوان المسلمين آنذاك إلى نفي وجود الوثيقة وأنكرت علاقتها بها، رغم أن المجلة نشرت صورة ضوئية للوثيقة التي تضمنت إشارة بخط يد خيرت الشاطر وإمضائه بوجوب نشرها على لجان الانتخابات والمكاتب الإدارية (أي المحافظات).



وفيما يلي النص الكامل لوثيقة "فتح مصر" التى كتبها خيرت الشاطر:

فتح مصـــر- برنامج عمل

مقدمة

لا ينبغى لأحدنا أن ينزعج من صيحات أعداء الدعوة وتربصهم بنا وكيدهم لنا، فهذا أمر منطقى إقتضته سنة التدافع بين الحق والباطل، والصراع بين الشر والخير قال تعالى: " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا " الفرقان (31) كما قال تعالى فى شأن أعداء الدعوة: " ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا " البقرة 217

مبدأيات

فى ظل هذا الصراع والتدافع ينبغى أن يعلم الإخوان

1 - حتمية المحنة مصداقاً لقوله تعالى: " أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " العنكبوت (2) وقافلة الإخوان لم يكن من شيمتها الجبن والخوف والهروب لأنها كانت وما زالت مستعلية بإيمانها فوق الظروف.

2 - وحدة العمل الإسلامى فريضة شرعية

وقد اشار الحاج مصطفى مشهور عليه رحمة الله إلى وجوب توحيد العمل الإسلامى تحت راية واحدة وأشار الأستاذ فتحى يكن إلى أن وحدة العمل الإسلامى من الفرائض التى نتعبد بها لله مصداقاً لقوله تعالى: " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء " الأنعام (159)

تفريعات
1 - عن حتمية المحنة
أ - وجوب الصبر عند المحن والإبتلاءات
ب - الخروج من دائرة الصبر السلبى إلى الصبر الإيجابى
جـ - ألإلتزام بالدعاء لله فى كل الأوقات
د - إدراك كما أن يكون الصبر عند المحنة يكون أيضا على الطاعة وكما يكون فى الإبتلاء يكون فى الرخاء
هـ - إدراك أن المحن تدارى الأخطاء والرخاء يظهرها

2 - عن وحدة العمل الإسلامى وخطر التعددية : وقد أجملها فتحى يكن فى الآتى:-
أ - أعطت التعددية كثيراً من المسلمين مبررات الهروب من الإنتماء الحركى
ب - فتت القوى الإسلامية وأضعفتها
جـ - سهلت على أعداء الإسلام عملية تصفية الإتجاة الإسلامى بإستفراد كل كيان على حدة
د - أفرزت حساسيات ومنافسات لدى أتباع كل تنظيم من آخر
هـ - أدت إلى تأخر العمل الإسلامى

من هنا ينبغى علينا أن ندرك وجوب تصفية أى إسلامى آخر إما بضمه أو تفريغه أو إحتواءه مع عدم إستعجال النتائج. كما يجب أن ندرك أهمية أن نظهر أمام الناس فى صورة من يمثل الإسلام وحدنا دون غيرنا حتى تستقر الصورة أمام الجماهير وبالتالى تنفى تدريجياً عن الآخرين

حركيات
1 - وجوب إستخدام التخفى والتمويه لتحقيق خطة التمكين كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يعني في الخفاء لأن هذه المرحلة أنتهت أسبابها ودخلنا مرحلة العمل العلني ولكن التخفى والتمويه يكون في الأهداف والغايات لا في الوسائل.

2 - إستخدام المرحلية أى التدرج فى الخطوات والمرحلية تعنى إقامة محطات الدعوى كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.

المرحلة الأولى لفتح مصر : الحــركة
1 - إقامة قنوات أتصال بين الإخوان والحزب الحاكم وبشخصيات نافذة فى العمل السياسى وقد تم هذا الأمر وتم وضعه فى الإعتبار وهو فى إطار التنفيذ والإستفادة من هذه القنوات فى إتاحة أكبر هامش من الحرية لحركة الإخوان فى الشارع.
2 - إستخدام طريقة المسكنات والمهدئات مع النظام الحاكم وباقى المؤسسات والأحزاب المدنية.
3 - شغل الرأى العام بالإخوان وإستخدام النقد الإعلامى الذى يتم توجيهه لنا فى خلق حالة من التعاطف حولنا.
4 - إستثمار التعديل الدستورى وإنتخابات الرئاسة فى إثارة حالة من الجدل حول الإخوان.
5 - الإستفادة من حالة "الإمتداد الإعلامى" والميديا العالمية فى خلق مساحة من الحرية لحركة الإخوان فى المجتمع.
6 - الدفع بعدد كبير من الإخوان لخوض الإنتخابات البرلمانية والإستفادة من هذا الطرح أسم الإخوان والشعار على أوسع نطاق والإعلان عن إنشاء مكاتب إدارية للأخوان فى المحافظات.
7 - إثارة حالة من الجدل حول شعار الإسلام هو الحل وأسم الإخوان والمصحف والسيفين.
8 - تجريح المخالفين وإتهامهم بالرشوة والعمالة لتحييد معظم المختلفين وإسكات البعض الآخر.
9 - موالاة إختراق المؤسسات الصحفية خاصة الحكومية منها والتوافق مع المؤسسات المستقلة.
10 - إستثمار الإنتخابات فى الدعوة والترويج لحتمية الحل الإسلامى وعالمية الدعوى وإستخدام المساجد على أوسع نطاق.
11 - إستخدام النقابات المهنية والمنظمات المدنية فى خلق هامش كبير للحركة.
12 - ديمومة الإتصال بحركات حقوق الإنسان الدولية.

المرحلة الأولى لفتح مصر : الشرعية والمستهدف المبدأى

من المتوقع أن يدخل إلى البرلمان مالا يقل عن خمسين أخ وهو ما يتيح لنا:

1 - تأسيس كيان شرعى أو الحصول على إعتراف بشرعية مسموحة.
2 - نشر الدعوة فى ربوع مصر عن طريق التوسع الفقى.
3 - الوصول بعدد الإخوان إلى مالا يقل عن ثلاثة مليون اخ.

فإذا ما تم تنفيذ المرحلة الأولى ولو بنسبة عالية من المستهدف كان من السهل الإستئثار بمشاعر وحماس مالا يقل عن 50% من الشعب المصرى وهو ما يساعد على الدخول للمرحلة الثانية فى فتح مصر.

إنتهى الجزء الأول
توقيع / خيرت الشاطر
نائب المرشد

إن هذه الوثيقة الخطيرة توضح المبدأ الميكافيللي "الغاية تُبرر الوسيلة" لجماعة الإخوان المسلمين التي تسمح لنفسها باستعمال كل الأساليب والوسائل للسيطرة على الدولة والمجتمع والقفز على السلطة، فهي جماعة تقوم بتوظيف المساجد والإتصال بحركات حقوق الإنسان الدولية واستخدام النقابات وتشويه سمعة الخصوم وغيرها من الأساليب الرخيصة التي قد تبدو أحيانا غير قانونية أو شرعية أو أخلاقية، ولكن المنهجية الإخوانية أعطتها شرعية حركية ووضعتها تحت منهج "التمكين"! وهم في سبيل ذلك يستلهمون شعارات ونظريات "ميكافيلية" التي تعتقد بأن الهدف السامي النبيل سيضفي صفة المشروعية لجميع الطرق مهما كانت قذرة لتحقيقه والوسائل والأساليب التي تمكن من الوصول لهذا الهدف مهما كانت قاسية أو ظالمة، فهم لا ينظرون لمدى شرعية أو قانونية أو أخلاقية الوسيلة المتبعة لتحقيق الهدف وإنما إلى مدى ملائمة تلك الوسيلة لتحقيق ذلك الهدف وفق مبدأ "الغاية تُبرر الوسيلة"‏ وهو ما استند عليه "ميكافيللي" في أغلب نصائحه بكتابه المشهور (الأمير)[5] الذي يُعتبر مرجعية هامة لممارساتهم المشبوهة:

· حبي لنفسي وجماعتي دون حبي لبلادي.
· من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك.
· أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين احتلوا وانتصروا، بينما فشل الأنبياء غير المسلحين عن ذلك.
· إن الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس.
· من واجب الأمير أحياناً أن يساند ديناً ما ولو كان يعتقد بفساده.
· ليس أفيد للمرء من ظهوره بمظهر الفضيلة.
· لا يجدى أن يكون المرء شريفاً دائماُ.

ولا شك أن الدين الإسلامي يرفض هذه النظريات الإنتهازية جملة وتفصيلاً، لأن المسلم صادق في حديثه، صادق في مشاعره، صادق فى اعتقاده، صادق فى وعده، صادق في توجهه، وهو لا يمارس الكذب ولا الخداع ولا المواربة، تكون مصلحة دينه ووطنه وأمته مقدمة عنده على مصالحه الشخصية وأهم من مصالح جماعته وحزبه، وذلك أمر من الله الحكيم الخبير سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾[6]، وقد وصف سبحانه وتعالى أهل الإيمان والثبات والإصلاح والجهاد بأنهم من الصادقين: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ ‏بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾[7]. وقد وصف الله سبحانه وتعالى عباده فقال: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ ‏وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ ‏لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾[8] صدق الله العظيم.

والمسلم المؤمن حقاً هو صادق دائماً ولا يكذب لأن نبيه حثه على ذلك ونفى عنه الإيمان بمخالفته لذلك، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)[9]. ونفى النبي ﷺ عن المؤمن أن يتصف بالكذب، قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ فَقَالَ: (نَعَمْ)، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا؟ فَقَالَ: (نَعَمْ)، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ فَقَالَ: (لَا)[10]. وقال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ رَجُلا حَدِيثًا هُوَ لَكَ مُصَدِّقٌ وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ)[11]. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ)[12]. ولا شك أن الكذب وخيانة الأمانة وإخلاف الوعد هي من صفات المنافقين، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)[13]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ )[14].

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي[15]: "والذي فسره به أهل العلم المعتبرون أن النفاق في اللغة هو من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير وإبطان خلافه، وهو ‏في الشرع ينقسم إلى قسمين: أحدهما النفاق الأكبر، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار. والثاني: النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل: وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك... والنفاق الأصغر وسيلة إلى النفاق الأكبر، كما أن المعاصي بريد الكفر، وكما يخشى على من أصر على المعصية أن يُسلب الإيمان عند الموت، كذلك يخشى على من أصر على خصال النفاق أن يسلب الإيمان فيصير منافقا خالصا. وسئل الإمام أحمد: ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق؟ قال: ومن يأمن على نفسه النفاق؟ قال الحسن: كان يقال: النفاق اختلاف السر والعلانية، والقول والعمل، والمدخل والمخرج، وكان ‏يقال: أس النفاق الذي بني عليه الكذب. والثاني: إذا وعد أخلف، وهو على نوعين: أحدهما: أن يعد ‏ومن نيته أن لا يفي بوعده، وهذا أشر الخلف، ولو قال: أفعل كذا إن شاء الله تعالى ومن نيته أن لا ‏يفعل، كان كذبا وخلفا، قاله الأوزاعي.‏"


المراجع

[1] إنظر كتاب محمود، علي عبدالحليم: منهج التربية عند الإخوان المسلمين (دراسة تحليلية تاريخية) – دار الوفاء للطباعة والنشر، ‏‏2000‏ 

[2] بعد إلقاء القبض على محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بتاريخ 20/08/2013، تولى محمود عزت (أمين عام الجماعة) منصب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر بشكل مؤقت، وهو يعتبر الرجل الغامض الخطير - الذي يُلقب بـ "الثعلب" – ومن أهم قيادات تنظيم الإخوان، وهو ينتمى للفكر القُطبى المتشدد بالجماعة (نسبة إلى سيد قطب) كما أنه من أشد المؤمنين بالعمل الحركي السري، ويميل الجناح اليميني المتطرف داخل الجماعة الذى ينتمى إليه هذا المرشد المؤقت للعمل بأسلوب العُنف والمواجهة المسلحة مع السلطة الحاكمة ولايؤمن بالحوار السلمي والعمل السياسي. 

[3] القرآن الكريم: سورة الأنفال – الآية 60 

[4] خبر صحفي: (وثيقة فتح مصر للميكيافيلي خيرت الشاطر) – صحيفة العرب في لندن، 15/04/2013 

[5] مكيافيللي، نيقولا: كتاب الأمير (ترجمة: أكرم مؤمن) – القاهرة، مصر، مكتبة إبن سينا للطبع والنشر والتوزيع، 2004‏ 

[6] القرآن الكريم: سورة التوبة – الآية 119‏ 

[7] القرآن الكريم: سورة الأحزاب – الآيات 23-24‏ 

[8] القرآن الكريم: سورة الأحزاب – الآية 35‏ 

[9] الحديث النبوي: صحيح مسلم - رقم الحديث 4727 

[10] الحديث النبوي: رواه مالك في الموطأ (2/990) 

[11] الحديث النبوي: التاريخ الكبير للبخاري - رقم الحديث 697 

[12] الحديث النبوي: مسند أحمد بن حنبل - رقم الحديث 21592 

[13] الحديث النبوي: صحيح البخاري - رقم الحديث 33 

[14] الحديث النبوي: صحيح البخاري - رقم الحديث 34 

[15] جامع العلوم والحكم (1/429-432)‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق