الإخوان المسلمين في الخليج العربي

في شهر آب/أغسطس 2011 نشر مركز المسبار للدراسات والبحوث[1] الطبعة الرابعة من كتاب هام جداً بعنوان (الإخوان المسلمون في الخليج)، ويرى تركي الدخيل رئيس المركز، أنه على الرغم من أن "الإخوان المسلمون" هم أقدم تنظيم إسلامي في المنطقة إلا أن موضوعه محاط بسياج من السرية، ويفترض له الباحثون خصوصية وحساسية، مما جعل ملفاته عصية على فهم كثير من المهتمين بالظاهرة الإسلامية، ومن ثم أصدر المركز ذلك الكتاب لمجموعة من الباحثين تناول جماعة الإخوان المسلمين في السعودية والإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان. وبتاريخ 23/02/2012 عرضت[2] الباحثة نادية سعد معوض تقييمها للكتاب قالت فيه:

السعودية والإخوان.. علاقة مبكرة

تناول الباحث السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي - في دراسته التي جاءت تحت عنوان: الإخوان المسلمين والسعودية.. الهجرة والعلاقة- تاريخ بدء هذه العلاقة، بدءًا بعلاقة حسن البنَّا بالملك عبدالعزيز آل سعود، إلى آخر مرشدي الإخوان. وشرحت الدراسة خصوصية الحالة الدينية في الدولة السعودية.

وأشار العتيبي إلى حراك البنَّا السياسي في مواسم الحج، وفي أحد اللقاءات عام 1936 طلب البنَّا من الملك عبدالعزيز إنشاء فرع للإخوان المسلمين في السعودية، فرفض الملك بدبلوماسية وذكاء قائلًا: كلنا إخوان مسلمون! وقد رفضت كل الطلبات المشابهة، إلا أن الإخوان تواجدوا كتيار فكري، وكأفراد تمتعوا بنفوذ كبير داخل المملكة في مراحل تاريخية لاحقة، كانت العلاقة بالإخوان كتنظيم ـ في الزمان الأول – جيدة، ولم يتعكر صفوها إلا بعد الثورة اليمنية التي تمايزت فيها مواقف الإخوان والسعودية، فموقف الإخوان كان مساندا لثورة اليمن، بينما وقف الملك عبدالعزيز آل سعود ضدها، وألقى هذا الموقف بظلاله سلبا على العلاقة بين الطرفين.

بعد رحيل البنَّا، تعاقب المرشدون على الجماعة، (حسن الهضيبي، التلمساني، أبو النصر، مشهور، الهضيبي، عاكف، بديع)، حيث تناولت الدراسة مستوى العلاقات بين المملكة والإخوان في عهد كل مرشد منهم.

ففي العهد الناصري هاجر الإخوان من مصر بعد تعرضهم لمضايقات من قبل النظام المصري، وتوسط الملك سعود عند الزعيم جمال عبدالناصر في أزمة الإخوان الأولى، واستجيب له، ولكن الإخوان عادوا إلى المعارضة الشرسة، فعاد عليهم عبدالناصر بالتضييق، وبعد الانفراج السياسي في عهد السادات زار الهضيبي السعودية، وعقد عام 1971 اجتماعا موسعا للإخوان، تشكلت فيه ملامح التنظيم الإقليمي، الذي ضم إخوانًا آخرين من البحرين والإمارات والكويت، وعلى الرغم من هذا التوسع الجغرافي في التنظيم، إلا أن الدراسة تشير إلى أن دور الإخوان الخليجيين لم يزد عن جباية الأموال.

يرجح العتيبي أن استقطاب السعودية للإخوان تم لأسباب تتلخص في: رغبة السعودية في استقطاب العقول أيا كان توجهها، وسعيها لمواجهة المد الناصري الثوري المعادي للملكيات العربية بخطاب فكري مكافئ، بالإضافة إلى رغبتها في تطوير الخطاب الديني المحلي، لقاء ذلك سيطر الإخوان على المؤسسة التربوية، والجمعيات الخيرية، وأيضا سعي المملكة المشروع لإثبات نفسها كدولة قائدة ورائدة وتثبيت مكانتها وثقلها السياسي في العالمين العربي والإسلامي وفي العالم أجمع.

وبعد أن ضمت السعودية إخوانا مصريين وسوريين وغيرهم من المهاجرين، تشكل السعوديون من الإخوان، وتعددت تقسيماتهم داخل المملكة، فعوضا عن التقسيمات الفكرية (قُطبِيين نسبة لسيد قُطب، وبنائيين نسبة لحسن البنَّا)، مال الكاتب إلى التقسيم الجغرافي لإخوان السعودية لـ: إخوان الحجاز، وهم الأكثر تنظيما، وإخوان الرياض أو القيادة العامة، وإخوان الزبير.

واستدل على استخدام التنظيم الدولي للأراضي السعودي بما قاله القرضاوي: إن التنظيم كان يعقد اجتماعاته في مكة المكرمة والمدينة المنورة أثناء مواسم الحج والعمرة. ويتساءل الكاتب إن كان الإخوان قد عضوا اليد التي مدت لهم، وأنكروا جميل إيواء السعودية لهم، ليجيب نقلا عن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز إذ يقول: الإخوان أصل البلاء، ويشير إلى تنكرهم للمملكة التي آوتهم، ظهر التنكر في موقفهم إزاء الغزو العراقي للكويت.

الإمارات.. التمدد والانحسار

كما تناول الباحث السعودي منصور النقيدان في دراسته: "الإخوان المسلمون في الإمارات.. التمدد والانحسار"، شهادة اثنين من أهم قيادات الجماعة في الإمارات، وهما محمد الركن، ومحمد المنصوري، نائب رئيس جمعية الإصلاح برأس الخيمة. وأشارت الدراسة إلى أن بدايات الإخوان المسلمين في الإمارات كانت في أوائل سبعينيات القرن الماضي، متأثرة بالإخوان المسلمين في مصر والكويت، وحاول الطلاب العائدون إنشاء مؤسسة تمثلهم في الإمارات أسوة بجمعية الإصلاح الكويتية. ونجحوا في دبي ورأس الخيمة والفجيرة. ولكنهم لم يتمكنوا من تأسيس فرع في أبوظبي، والشارقة. استقطبوا عبر الجمعية الطلاب والناشئة، واستهدفوا مؤسسات التعليم، وسيطر أتباعها على الأنشطة الطلابية، وفي 1988 أصبح الإخوان المسلمون هم الصوت الأقوى في مؤسسات الدولة التعليمية وفي جامعة الإمارات.

تزامن ذلك مع وجود ذراع إعلامية نشطة هي مجلة الإصلاح.. قامت الجمعية عبر مناشطها بحملة تشويه للنظام التعليمي الحكومي في فترة الوزير أحمد حميد الطاير، وقد اعتمد الإخوان أساليب خطابية عاطفية، يعتبرها القيادي محمد الركن دليلا على عدم نضج الجماعة حينها. وسرد النقيدان في دراسته الأحداث التي أوصلت الدولة إلى حل مجلس إدارة الجمعية وتقييد مجلتها وإسناد الإشراف عليها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية. وعلى الرغم من توتر علاقة الإخوان مع الدولة إلا أنهم تمتعوا دائمًا بعلاقة خاصة بحاكم رأس الخيمة السابق، الشيخ صقر القاسمي.

ووثقت الدراسة لقاءات ولي عهد أبو ظبي (نوفمبر2003) الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بقيادات الإخوان، التي مثلت فرصة لإعادة إدماج الجماعة في المجتمع، وعدت الجماعة الشيخ بالتفكير جديا في حل الجماعة، إلا أن أحد قيادييها عاد لمجلس الشيخ بعد فترة، ومعه بيان موقع من الجماعة تؤكد فيها أنها تحظى بشعبية وقدرة على التأثير في داخل البلاد وخارجها، وأن حل تنظيم الجماعة غير وارد. وهو ما يصفه النقيدان بأنه كان السبب الرئيس في ضياع فرصة تاريخية للتصالح مع الحكومة، وأبدت الحكومة مخاوفها من إجراءات البيعة واعتبرت من يؤديها لأمير الجماعة أو مرشدها متهمًا بازدواجية الولاء ومطعونًا في انتمائه لوطنه.

كما أُلحق بالدراسة تعليق محمد المنصوري على دراسة النقيدان، وبقدر ما حاول انتقاد الدراسة، إلا أنه أثبت الكثير من معلوماتها، فأكد استفادتهم في جمعية الإصلاح من حركة الإخوان المسلمين، وأكد إشكالاته مع الأمن الظبياني، وأكد وجود البيعة حينما قطع بأنها توقفت نهائيا منذ 2003!. بدوره علق النقيدان على المنصوري وأكد أن الدراسة التي نشرها كانت توصيفًا ورصدا، وأشار إلى أنه وثّق معلوماته بزيارات للمنصوري والركن وغيرهما من أقطاب الإخوان.

الإسلام السياسي في الخليج

لم يغب المشهد الثوري الجديد عن الكتاب، فتناول الباحث السوداني عمر الترابي الإسلام السياسي في الخليج وخطاب الأزمات والثورات، متناولًا التشكيلات الإسلامية السياسية وخطابها السياسي في الخليج العربي. فوصف جماعة الإخوان بأنها الجماعة التي تقود أخواتها في الخليج، وعبر عن قدرتها على رسم خطابها وفق متغيرات براجماتية كبيرة، بعد أن انتشرت في أعقاب النكسة 1967، كان الصعود الأكبر للجماعات في الثمانينات، وظلت بين مد وجزر، فانزوت إلى أن أعادتهم أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى الواجهة، وزاد نفوذهم بعدها بدعم من الحكومات والمنظومات الراغبة في تمثيل إسلام معتدل، ولكن هذه الجماعة تعرضت في الأعوام الأخيرة لخسارة في شعبيتها بعد أن خاضت التجارب وامتحنت في مصداقية شعاراتها في الخليج وغيره، في ختام دراسته قال الترابي: إن تاريخ العمل الإسلامي في الخليج يكشف أن مهنة الإسلاميين هي اغتنام الفرص، وتطوير الخطاب إما للكسب الجماهيري أو السياسي، والآن يغتنمون فرصة نجاح الاحتجاجات العربية، واستمرار صعود نجم النموذج التركي، في محاولة لإنقاذ شعبيتهم في الخليج، للظهور بشعارات إصلاحية جديدة، تماشيا مع المرحلة الجديدة، ويراوحون بين التلويح بالاحتجاجات وشعارها، أو الدخول في حلفها والتصالح معها لضرب الآخرين.

كما تناول الباحث البحريني غسان الشهابي، الإخوان المسلمين في البحرين، وتحولات العقود السبعة، فبين أن قصة إخوان البحرين تبدأ مثل غالب الجماعات الإسلامية التي انتشت بعد هزيمة 1967، وكانت بذرتهم الأولى بعد التقاء عبدالرحمن الجودر بحسن البنَّا، إلا أن دعوتهم ووجهت بالصدام المبكر مع المجتمع البحريني الذي كان متحمسا للتيارات الناصرية والقومية. ومد إخوان البحرين بالأنساق الجديدة والخبرات من إخوان الكويت، وازداد وهجهم بعد تراجع التيارات اليسارية والقومية، وانتصار الثورة الخمينية الإيرانية، والغزو السوفييتي لأفغانستان (1979)، وسهل امتلاك الإخوان المسلمين في البحرين أموالا جيدة أمرَ توسيع قاعدتهم الجماهيرية، بالإضافة إلى ضعف المنافسين من التيارات السنية الأخرى.

وبمضي السنين تمكنت الجماعة من السيطرة على التعليم، وبعد الانفتاح السياسي في 2001 تم تأسيس ذراع سياسية تحت اسم المنبر الوطني الإسلامي. كما تميزت حركة الإخوان المسلمين في البحرين بمرونة حركية عالية، فعرفت كيف تتجنب الانتحار الجماعي في الملمات، وكيف تستثمر ميزاتها أيام الانفراج. ونأت بنفسها عن الصدام مع الدولة وأجهزتها.

في حين تناول الباحث العماني عامر الراشدي الإسلاميين في عمان، من خلال تيارين أولهما حركة الإخوان المسلمين كتيار حديث بامتدادها على الأرض العمانية، موضحًا أنه لم يكن الانتماء إلى تنظيم الإخوان المسلمين حكرًا على أبناء مذهب معين في عمان، إذ لوحظ أن من بين معتنقي فكر هذا التنظيم من ينتمون إلى المذهب الإباضي، إضافة إلى المذاهب الأربعة المعروفة. والتيار الثاني هو تيار حركة الإمامة بامتدادها التاريخي، وذكر محاولة استدعائها التي تمت مؤخرًا.

الوطن في فكر جماعة الإخوان المسلمين

كما تناول الكتاب مفهوم الوطن في فكر جماعة الإخوان المسلمين، في مقاربة تاريخية سياسية بدأت بمقارنة بين مفاهيم القوم والأمة في الجاهلية والإسلام، ومرورا على الوطن في فكر سيد قطب وحسن البنَّا، وركزت الدراسة – وهي من أخريات ما كتبه الراحل الدكتور أحمد البغدادي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت – على الوطنية في فكر الإخوان في الكويت، كما وضحت الدراسة أن كثيرا من المفكرين الإسلاميين، لم يناقشوا معنى هذا المصطلح برغم شيوع استعماله في الفكر الإنساني.

ويرى البغدادي أن التعارض بين الولاء للوطن، والولاء للحزب أو التنظيم، سواء داخل الدولة أو خارجها، من القضايا المسكوت عنها في عالمنا العربي، لذلك تقدم جماعات الولاء للتنظيم على الولاء للوطن.

أيضا يقدم الباحث السعودي مشاري الذايدي التاريخ الديني للكويت بما فيه من تسامح وتشدد، وأرَّخ لبروز الإسلام السياسي في الكويت عقب هزيمة يونيو 1967، وكل ذلك لا علاقة لشيوخ التقليد والإصلاح في الكويت به. وتناولت الدراسة حداثة النشوء الحركي للإسلاميين السياسيين في الكويت من جهة، وتشابك العلاقات في تيار الإصلاح، الذي قاده الشيخ يوسف بن عيسى، واصفًا الشيخ بأنه محور كثير من الخطوات الإصلاحية في الكويت.

وكشفت الدراسة أن الشيخ يوسف بن عيسى كان قنطرة العبور بين الكويت القديمة والجديدة، وهو الحلقة الوسطى بين المثقف الإسلامي أي الحركي السياسي، وبين رجل الدين التقليدي والمحترف، مفنِّدًا أي ادعاءات بانتسابه إلى الإخوان المسلمين. وأشار إلى نص من كتابه "الملتقطات"، نقل فيه عن عبدالله القصيمي موقفا ناقدا للإخوان، لخص عبره ابن عيسى موقفه من جوهر دعوة الإخوان المسلمين، حيث استشعر الخطر في التسييس الحاد للإسلام لدى جماعة الإخوان، مستشهدًا بما نقله على لسان شملان يوسف بن عيسى عن والده، عندما قام بطرد عبدالله المطوع، أبرز قيادات الإخوان المسلمين في الكويت.

أما آخر دراسات الكتاب كانت تحت عنوان: التنوير الإسلامي في السعودية، وفيها عرض الباحث يوسف الديني السجال حول مفهوم التنوير بين أنصاره ومعارضيه.

وبتاريخ 28/11/2010 عرض الباحث ياسر باعامر تقييمه[3] لكتاب (الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج) الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث قال فيه:

من الوهلة الأولى لقراءة عنوان كتاب “الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج”، تثار العديد من الأسئلة، حول هدف الكتاب، وما يريد القائمون عليه تمريره من خلال مضمون الدراسات التي حوتها صفحات الكتاب المثير للجدل.

ووفقاً لمركز المسبار للدراسات والبحوث (جهة الإصدار)، فإن الكتاب أراد “أن يرسم جزءاً من الخارطة الإسلامية في الخليج العربي، متناولاً التيارات الإسلامية السائدة فيه، فغطت الدراسات تجربة التيارات الإسلامية، وحملت مضامين الكتاب تيارين كبيرين فاعلين هما الإخوان المسلمون والسلفيون.

وبحسب القائمين على الكتاب فإن الإسلاميين بالخليج صاروا محط أنظار لاعتبارات كثيرة، يأتي بعضها في إطار دراسة ظاهرة “الإسلام السياسي” و”الراديكالية” في الفكر الإسلامي، ورصد الخطاب الديني، لذا أضحت دراسة الخارطة الإسلامية بمنطقة الخليج العربي، أمراً لا مناص عنه، خاصة بعد أحداث الـ11من سبتمبر/ أيلول 2001، وما أفرزته من نتائج ومتغيرات تدعو لإعادة فهم المشهد الخليجي ورصد تحولات الخطاب الديني فيه.

الكتاب فور صدوره أدار جدلاً واسعاً بين التفاعلات الثقافية الإلكترونية، خاصة من قبل الإسلاميين الذين اعتبروا الكتاب جزءا من “أدلجة تاريخ الحركة الإسلامية في الخليج برؤية هي أقرب لرؤية الأجهزة الأمنية الرسمية لدى أنظمة الحكم في الخليج العربي، وحالة اللا توافق مع التيارات الإسلامية خاصة الجمعيات المحسوبة على الإخوان”.

وبالرغم من ذلك فإن الكتاب يحمل “جرعات جريئة” لتوثيق مسار مهم يتعلق بمستقبل الخليج العربي، خاصة وأن ما يرتبط بمكونات التيارات الإسلامية يحتاج لدراسات متواصلة وممنهجة بشكل عميق، وحتى الآن الكتاب غير موجود في المكتبات السعودية، إلا أنه يباع في مكتبات عدد من العواصم الخليجية.

بين محطات خليجية

تنقل الكتاب بين محطات عديدة لدراسة تعبير ما يمكن أن يطلق عليه حركات الإسلام السني وتفاعلاته، وما طرأ عليه من تشكيلات جديدة، ومواقف، إلا أن ما يؤخذ على الكتاب هو غياب الرصد الدراسي للحركة الإسلامية بسلطنة عُمان، كجزء لا يتجزأ، من معالم الإسلام السياسي في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي.

خاصة أن تجربة الإخوان المسلمين بعُمان لم ترصد بالشكل المنهجي العلمي التوثيقي، وما آلت إليه حالة الصدام بين اكتشاف السلطات الأمنية لقيادات الجماعة، وما انتهى به المطاف من حل الجماعة وتعرض أفرادها في فترات سابقة للاعتقالات بتهم إنشاء جماعة إسلامية محظورة حسب القانون العدلي العُماني.

والمأخذ الفني الثاني فيما يتعلق بدراسة البحرين حيث تم التركيز على فاعل رئيسي واحد فقط وهو تجربة الإخوان المسلمين بالبحرين، دون الالتفات إلى الجناح الآخر والمهم فيما يتعلق بتجربة الحركة السلفية أو السلفيين البحرينيين الذين لا يقل تأثيرهم عن تجربة الإخوان بين دوائر المجتمع البحريني في شقه السني، وفي المقابل تم تجاهل تجربة إخوان الكويت.

إخوان السعودية.. الهجرة والعلاقة

الباحث عبدالله بن بجاد العتيبي ركز في أطروحته التي عنونها (الإخوان المسلمون والسعودية، الهجرة والعلاقة) على عدد من المراجع التاريخية في مأسسة العلاقة بين جماعة الإخوان بقيادة مرشدها الأول الشيخ حسن البنَّا وعلاقته بالنظام السعودي ممثلاً في مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود (رحمهما الله) والتطورات التي حدثت في العلاقات بين الجانبين، والتي انتقلت من الملك عبدالعزيز لأبنائه من بعده خاصة عهد الملك فيصل، وعن معطيات استقطاب الرياض للإخوان في فترات تاريخية سياسية حرجة إبان الخلاف بين السعودية والحركة الناصرية الثورية في مصر بقيادة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

 “من طبيعة الحركات الأيديولوجية المنظمة أنها لا تنفك أيديولوجيتها، وأن سعيها على الدوام للتبشير برسالتها لا يتم إلا عبر رصّ صفوفها وإحكام تنظيمها في كل رقعة تصل إليه”

وفي محور آخر أشار الكاتب العتيبي إلى ستة أهداف سعى لها الإخوان القادمون من مصر والذين استقر بهم الحال في السعودية “كمناع القطان” والتي يمكن إجمالها في النقاط التالية:

* نشر دعوة الإخوان فكراً وتنظيماً.

* السيطرة على العملية التربوية.

* السيطرة على الجمعيات الخيرية.

* السيطرة على المؤسسات ذات الطابع الشمولي كالمؤسسات الإسلامية الكبرى ذات الأدوار السياسية.

* التغلغل في كل أعصاب المجتمع بشتى السبل.

* التأثير السلفي على الإخوان المسلمين.

وأثار الباحث سؤاله التالي: هل أنشأ الإخوان تنظيماً سعودياً؟ استفهام كبير يحمله السؤال، ويثبت ذلك بطريقة مباشرة ليقول “من طبيعة الحركات الأيديولوجية المنظمة، أنها لا تنفك أيديولوجيتها، وأن سعيها على الدوام للتبشير برسالتها لا يتم إلا عبر رصّ صفوفها، وإحكام تنظيمها في كل رقعة تصل إليها”.

وبحسب الكتاب، فهناك تقسيمات للإخوان بالسعودية، فالبعض يقسمهم فكرياً باعتبار بعضهم بنائيين نسبة للبنا، وقطبيين نسبة لسيد قطب، والبعض يطرح تقسيماً حركياً ثالثاً، لينقسم حسب المعطيات التالية:

أولاً: إخوان الحجاز: وهم منتشرون في الحجاز والجنوب، والمنطقة الشرقية، ولهم وجود لا بأس به في بقية المناطق، ويعدون أقوى تنظيمات الإخوان في السعودية، فهم الأكثر تنظيماً وتأثيراً وانتشاراً.

ثانياً: إخوان الرياض أو القيادة العامة: وهي نخبة من الإخوان المسلمين، ليس لهم تأثير أو انتشار كبير، ويقتصر نشاطهم على المشاركة في إعداد البيانات.

ثالثاً: إخوان الزبير: وهي مجموعة من أهل الزبير –تعود التسمية لمجموعة من العوائل السعودية التي هاجرت سابقاً من بلدة الزبير جنوب العراق ثم عادوا لبلادهم- الذين انتسب بعضهم للإخوان في الزبير وبعضهم لحق بالتنظيم أثناء الاجتماعات العائلية التي يعقدها أهل الزبير كآلية للتواصل الاجتماعي بينهم في السعودية، وهم مسالمون وبعيدون عن الصخب مع بعض الاستثناءات.

الممانعة السلفية

“ومن تلك الاتجاهات السائدة ما يتبناه الإخوان السعوديون ويلحون عليه على عدم وجود صلات بالجماعة الأم في مصر خلافاً لباقي المناطق نظراً لعلاقاتها الجيدة بالسلطة السياسية في المملكة”

وفي سياق متصل وحول الإخوان المسلمين بالسعودية أيضاً، يشير الكاتب والباحث يوسف الديني تحت عنوان (الإخوان المسلمون السعوديون.. المشروعية المؤجلة) إلى تقاطع خلافي بين الباحثين في تاريخ الحركة الإسلامية بالخليج، موضحاً ثلاثة اتجاهات لتحديد نقطة انطلاقة الجماعة بشكل غير رسمي بالسعودية.

ومن تلك الاتجاهات –كما يقول الديني- ما يتبناه الإخوان السعوديون ويلحون عليه هو عدم وجود صلات بالجماعة الأم في مصر، خلافاً لباقي المناطق نظراً لعلاقاتها الجيدة بالسلطة السياسية في المملكة، ولمعرفتها بموقف خطاب مجتمع السعودية السلفي من تشكيل الأحزاب والتنظيمات، الذي عبر عنه كبار علمائها في مناسبات كثيرة.

إخوان الإمارات

وتحت عنوان (الإخوان المسلمون في الإمارات.. التمدد والانحسار) كتب الباحث منصور النقيدان، ليبدأ القصة من عام 1994، حينما أحلت حكومة الاتحاد واجهة الإخوان (جمعية الإصلاح للتوجيه الاجتماعي)، وجاء ذلك بناء على لقاء تم بين الرئيس المصري حسني مبارك، ورئيس الدولة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حينما وجهت الأجهزة الأمنية المصرية (أمن الدولة) اتهاماً للجمعية بدعم جماعات العنف المصرية.

وبعد التحقيقات الأمنية الإماراتية –وفقاً للكاتب- توصلت الجهات الرسمية لحل الجمعية، وإسناد الإشراف إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، لينهي القرار فصول قصة استمرت لما يقارب واحداً وعشرين عاماً من إنشاء الإخوان الإماراتيين لجمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي.

يرصد النقيدان في ورقته مجموعة من التفاعلات الساخنة التي حدثت للإخوان في الإمارات مع دولتهم، ومراحل المنعطفات التي أثرت في مصير تلك العلاقة، خاصة فيما تعلق بمصير منتسبي الجماعة في وزارة التربية والتعليم وفصلهم لإعادة السياسة التعليمية التي سيطر عليها الإخوان، وما تبعته هذه القضية من إثارة إعلامية واحتجاجات”

حلّت السلطات الإماراتية جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي لتنهي فصول قصة استمرت لما يقارب واحداً وعشرين عاماً من إنشاء الإخوان الإماراتيين للجمعية”

ويصل الكاتب إلى القول إن الإخوان الإماراتيين اقتنعوا أن الجماعة تمر بمرحلة حرجة تتطلب الوضوح والصراحة مع الحكومة والجمهور، حتى لا تكون عرضة لسوء الفهم في فترة انحسار التأثير وتمرد الأتباع والكوادر، مستشهداً -النقيدان- بالظهور الأخير لاثنين من قيادات الإخوان في مايو/ آيار 2010، على قناة فضائية نفى فيها القيادي حمد الرقيط أن يكون للجماعة أي ارتباطات خارجية ولا برنامج خاص أو سري، لأن التقنيات الحديثة وقدرة الأجهزة الأمنية قادرة على كشف أي معلومات خفية.

الكتاب بما حمله من دراسات أخرى لدراسة الحالة الخليجية يمثل جهداً بحثياً للقراءة والنقد الفكري البناء.

وبتاريخ 13/09/2013 نشر مركز المسبار للدراسات والبحوث شرح موجز عن كتاب (الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج)، يقول فيه[4]:

الوجود الإسلاموي في الخليج صار محط أنظار العالم لاعتبارات كثيرة، يأتي بعضها في إطار دراسة ظاهرة الإسلام السياسي والراديكالية في الفكر الإسلامي ورصد الخطاب الديني، و لأن الجزيرة العربية هي مصدر الإشعاع الإسلامي بمختلف اتجاهاتهفقد أصبح من الثابت أن دراسة الخارطة الإسلامية في منطقة الخليج العربي صارت أمراً لا مناص عنه، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما أفرزته من متغيرات تدعو لإعادة فهم المشهد الخليجي، ورصد تحولات الخطاب الديني فيه.

أردنا لكتاب المسبار الثالث والأربعين أن يرسم جزءاً من الخارطة الإسلامية في الخليج العربي، متناولاً التيارات الإسلامية السائدة فيه، فغطت الدراسات تجربة هذه التيارات الإسلامية في الخليج، وتعددت الملاحظات حتى في إطار التنظيم الواحد. فتجربة الإخوان في السعودية تختلف عن تجربتهم في الإمارات التي تغاير تجربتهم في الكويت والبحرين وتختلف كذلك عن قطر. لذلك احتاجت كل تجربة من هذه التجارب إلى دراسة مختصة، ويتجلى ذلك بيّناً في مضامين هذا الكتاب الذي حاز نصيب الأسد في دراساته توجهان كبيران فاعلان، وهما الإخوان المسلمون والسلفيون.

يتساءل عبدالله بن بجاد العتيبي في دراسته عن أسباب هجرة الإخوان إلى السعودية: “هل هي لجوء من ظلم، أم إعادة تنظيم لجماعتهم؟ أم نشر لها ودعوة لاتساعها؟ أم ماذا؟”، ويمضي متسائلاً هل كانوا يدركون أنهم يُستخدمون كمضادات سياسية للحركات اليسارية والقومية؟ كما تحدث الكاتب عن علاقة الإخوان بالسعودية. ينشر المسبار هذه الدراسة النادرة بالرغم من شح المصادر، والسرية التي تكتنف الجماعة، في بلد كالسعودية تحظر فيها مثل هذه التنظيمات، إضافةً إلى إحجام الشهود والرواة، برجاء أن تمنح الدراسة القارئ تصوراً لتجربة الإخوان في المملكة.

أما الباحث يوسف الديني فيعرض في دراسته تجربة الإخوان المسلمين في السعودية من منظورٍ آخر، فيغطي مرحلة لاحقة لما تعرض له العتيبي، ويشير إلى تراجعهم الفكري والتنظيمي وتعطل تفاعلهم مع المجتمع وتحولهم إلى مجموعة من الأجنحة الهشة بفعل الشيخوخة وغياب الدماء الجديدة، في جوِّ تتسيّده السلفية، حتى أضحى الإخوان جسراً تعبره التيارات الأخرى بسبب غياب الفاعلية.

قدم منصور النقيدان دراسة هامة عن جماعة الإخوان الإمارتيين وتجربتهم على الساحة الإماراتية طوال عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وقد وثّق لتاريخ جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي التي استطاع الإخوان عبرها السيطرة على إدارة المناهج وغيرها من المؤسسات التعليمية في الإمارات. واستعرضت الدراسة مسيرة الجماعة الفكرية والحركية في أطوارها الثلاثة من البداية مروراً بالتمدد والإيغال والصدام حتى بلغت مرحلة الانحسار والضياع منذ منتصف التسعينات الماضية.

وفي إطار آخر يقدم غسان الشهابي دراسته عن الإخوان المسلمين في البحرين، حيث جاءت تجربتهم مثالاً للمرونة والتأقلم، والعلاقات الطيبة مع الحاكم، مستغلين كل ما أتيح لهم من مركز نفوذ لصالح الجماعة وكوادرها، وشرحت دراسة الشهابي أن إخوان البحرين كانوا لوناً مختلفاً عن سائر الإخوان الآخرين، وقد مكّنتهم علاقاتهم الجيدة مع الحكم وحساسية الوضع الطائفي في البحرين من الوصول إلى مفاصل القرار، وجنبها ذلك مصير التضييق الذي عانت منه مثيلاتها.

وعلى سياق متصل قدم مصطفى عاشور تجربة الإخوان المسلمين في قطر، وهي تجربة فريدة أخرى، خرجت عن المألوف، فقد أعلن الإخوان المسلمون حل تنظيمهم سنة 1999م. وقد جاء قرار الإخوان القطريين من دون ضغط من حاكم، ولم ينتج عن خلاف داخلي، بل كان ناتجاً عن قناعة بخصوصية الواقع القطري وتفهم له، فتحولوا إلى تيار، بعيداً عن متطلبات التنظيم التي رأوا أنها لا تناسب الواقع القطري.

أما شيتوي الغيثي فإنه عاد بنا إلى السعودية، فكتب عن مرحلتين هامتين في التكوين الفكري والاجتماعي لمجتمع المملكة: الأولى مرحلة الطفرة الاقتصادية وظهور المجتمع النفطي وما رافقه من أحداث فكرية وسياسية مهمة، والثانية مثلتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي أعادت بلورة الرؤى، مشيراً إلى أن المجتمع السعودي هيمن عليه الفكر التقليدي فترة طويلة، إلا أن التحولات الأخيرة غيرت الخطاب الديني نحو الانفتاح مثل رصفائه من مجتمعات الخليج.

امتازت دراسة مشاري الذايدي في محاولته رسم خلفية علميةٍ لما جرى إسلامياً في الكويت قبل تشكل التيارات الإسلامية الحديثة، الأمر الذي يساعد على فهم التيارات الإسلامية في الكويت المعاصرة، فجاءت دراسته عن إسلاميي الكويت مليئة بالأسئلة عن طبيعة الإسلام التقليدي الفقهي في الكويت قبل نشوء تيارات الإسلام السياسي، وعن دور الفقهاء فيها حتى وصل إلى حين انحساره لصالح إسلام المثقفين والمسيّسين، وعن نشاط الإسلام السياسي واحتكاره الحديث عن الهوية الإسلامية وملامحها، وربط بين تفاعلات السلفية الوهابية النجدية و حنابلة الكويت الذين اختلفوا معها.

لم يبتعد خليل حيدر كثيراً و تناول الجماعة السلفية في الكويت، ووثق لها و لنشاطها السياسي والنقابي، وسلط الضوء على أسباب جاذبيتها في أوساط المتديّنين، وتابع الانشقاقات فيها ورصد ظهور السلفية العلمية المتشددة، ولم يغفل ذكر صراع السلفية مع الإخوان المسلمين وأجنحتهم، وذلك طبيعي بحكم تنافسهم سياسياً في اجتذاب فئة متديّنة واحدة.

جاءت ذكريات ناصر الحزيمي مع جهيمان العتيبي، ضيف شرف، وقد اختار مركز المسبار نشر هذا النص الهام كمادة خام، للدارسين والباحثين. حيث تكمن أهمية هذه الذكريات في كونها مروية من شاهد قريب جداً لقائد المجموعة التي احتلت المسجد الحرام في 20 نوفمبر 1979، وقد عرض الحزيمي لبداية علاقته مع السلفية المحتسبة وتنقله معها راصداً انشقاقاتها، و تحدث في ذكرياته -التي تنشر لأول مرة- عن تفاصيل الأيام الأخيرة التي قادت لاقتحام الحرم والعوامل التي أدت لذلك.

لم يغفل الكتاب الوجود الشيعي في الخليج –الذي نأمل أن نفرده بعدد مستقلٍ لاحقاً- فجاءت دراسة هذا العدد للمفكر السعودي توفيق السيف شارحة للعوامل والمؤثرات التي شكلت الهوية السياسية للشيعة، وركّز فيها على تحولات العقود الأخيرة، ودرس ميكانزمات التغيير عن المجموعات الدينية خاصة عن الأقليات، وحث حكومات الدول التي يقطنها الشيعة على تفهم ثقافتهم وتحولاتها، ونصح بمحاولة إدماجهم في التكوين السياسي.

أما كتابنا في هذا العدد والذي عرضه عمر البشير الترابي، فهو  “التيار الإسلامي في الخليج العربي” لهاشم الطائي. وقد صدر الكتاب حديثا، وتناول بالتفصيل التيارات الإسلامية في الخليج منذ 1954 إلى 1991 في دراسة تاريخية موثقة، ذكر فيها أصول وجذور هذه الجماعات واجتهاداتها مع ذكر الأحداث المهمة خلال الإطار الزماني للدراسة وتفاعل التيارات الإسلامية في الخليج معها.

وبتاريخ 17/01/2012 قال الفريق ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي في مؤتمر الأمن الوطني والأمن الإقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية رؤية من الداخل، الذي نظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "اسمحوا لي أن أنأى بعيداً عن الدبلوماسية، أنا رجل أمن.. الإخوان المسلمون هم أحد مهددات الأمن في الخليج، ولا يقلون خطراً عن إيران". وبتاريخ 06/02/2012 شنّ هجومًا حادّاً على جماعة الإخوان المسلمين، معتبراً أنّها أشد خطرًا من إيران، كما أنّها تستمد أجندتها من خارج بيئة الخليج، حسب قوله. وقال خلفان، في تصريحات نشرتها صحيفة "الرياض" السعودية[5] "إنّ إيران والإخوان المسلمين متساويان، حيث إنّ ولاية الفقيه محل انتقاد وعدم رضا، كما هو حال الإخوان المسلمين بالنسبة لـ"مرشدهم" الذين يكون ولاؤهم خارجياً له"، مؤكداً أنه "لم يعد الفقيه فقيهاً ولا المرشد مرشداً". وبحسب خلفان فإنَّ الإخوان المسلمين في الخليج يستمدون دائمًا توجيهاتهم من "قيادات خارجية "ويسعون لتطبيق أجندتهم علينا، كما يسعون إلى الحكم بـ"سفك الدماء". ونبَّه إلى أن الإخوان المسلمين أشد خطراً من إيران، وقال "هم طامعون في السلطة و"يكرهون حكام الخليج"، حسب قوله، واصفًا بأنّهم "يستمدون أجندتهم من خارج بيئة الخليج وعاداتها وتقاليدها التي تستمدها أصلاً من الإسلام الحنيف وشريعتنا السمحة التي تربينا عليها، بعيداً عن سفك الدماء وقطع الرؤوس وتغيير المواقف والوصولية والانتهازية"، حسب وصفه. ورأى خلفان أنَّ "المفتي من المفترض أن لا يكون على علاقة بالسياسة، وأن لا تكون له أطماع سياسية ولا مناصب في الدولة".

وبتاريخ 11/03/2012 ندَّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني[6] بالتصريحات التي صدرت عن محمود غزلان الناطق الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر تجاه دولة الإمارات. ووصف الزيانِي التصريحات بأنها غير مسئولة وتفتقد إلى الحكمة وتتعارض مع ما يربط الشعوب العربية والإسلامية من روابط وصلات مشتركة، كما أنَّها لا تخدم الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون ومصر لتعزيز علاقاتهما التي ترسَّخت على قواعد متينة عبر السنين. وكان غزلان هدَّد في وقت سابق بأن يتحرك العالم الإسلامي بأسره، وليس جماعة الإخوان فحسب ضد الإمارات، للذَّوْد عن الشيخ يوسف القرضاوي في حال اعتقاله، بعد أن هدَّد القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، بملاحقته عن طريق الإنتربول، وذلك بعد ظهور القرضاوي في حلقة تلفزيونية انتقد فيها قرار الإمارات بترحيل سوريين شاركوا في مظاهرة خارج مقر قنصلية بلادهم في دبي. وكان قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان قد هاجم الشيخ القرضاوي وتنظيم الإخوان المسلمين في تدوينات كتبهَا بحسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مهدداً إياه بإلقاء القبض عليه. وأوضح الزياني أنَّ "ما يمسّ الإمارات العربية المتحدة يمسّ دول مجلس التعاون جميعاً، مؤكداً رفض دول المجلس واستنكارها التهديدات التي أطلقها محمود غزلان والتي تأتِي مخالفة تماماً لكل الجهود والمساعي، التي تعمل على توحيد الصف العربي والإسلامي ونبذ الانقسام". وأشار إلى أنَّ تصريحات الإخوان "تتجاهل أيضاً احتضان الإمارات للعرب وتبنيها لقضايا العالم العربي في جحود يستنكره كل عاقل"، مشيراً إلى أنَّ "مثل هذه التصريحات من مسؤول حزبي كبير مستهجنة وغير مسئولة، ولا تنبئ عن نوايا طيبة ضد حكومات وشعوب المنطقة". ومن جهته، طالب وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الحكومة المصرية بأن توضِّح موقفها من تصريحات المتحدث الرسمي للإخوان المسلمين، والتي وصفها بالمستهجنة تجاه الإمارات.

وبتاريخ 29/08/2012 شَنَّ ضاحي خلفان تميم قائد شرطة إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة هجومًا جديدًا على جماعة الإخوان المسلمين[7]. وقال في حسابه الشخصي على موقع تويتر: "أبشع ما يمارسه الإخوان هو تحقير وتسفيه وتشنيع كل ممارسات الحكومات الخليجية وكأنَّها لم تفعل شيئاً على الإطلاق". وأوضح أنَّه لا يحمل العداء لأحد، ولكنه يدافع عن أمن الخليج، مضيفاً "أهبل من يظن أن ضاحي يقف ضد شخص معين، لكن أمن الخليج خط أحمر متى تداعت دولة خليجية وسقطت في أيادٍ ظلامية فقولوا على الأمن السلام"، مشيراً إلى أن "أمن الخليج خط أحمر وتجاوزه ممنوع لأي مخلوق من الداخل أو الخارج". وكان قائد شرطة دبي، قد شن هجوماً خلال الآونة الأخيرة على جماعة الإخوان قائلاً "الإخوان سيخسرون كثيراً إذا ناطحوا دول الخليج"، مؤكدًا أن مجلس التعاون سيهبّ ويقف وقفة واحدة ضد أي محاولة لزعزعة استقراره.

وبتاريخ 09/10/2012 قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة[8] إن "فكر الإخوان المسلمين لا يؤمن بالدولة الوطنية، ولا يؤمن بسيادة الدول، ولهذا السبب ليس غريباً أن يقوم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بالتواصل، والعمل على اختراق هيبة الدول وسيادتها وقوانينها". وقال رداً على سؤال حول قضية الموقوفين للتحقيق في الإمارات "لا أود أن أعقب على إجراءات قضائية بشأن الموقوفين.. لا بد أن نتواصل مع دول مختلفة، للتعاون وتوضيح وجهات النظر، هناك أخطاء ترتكب من قبل بعض الأفراد، أو تنظيمات لاستغلال الدول.. لا أحد ضد أي عمل يقوم به أفراد يحترمون سيادة وقوانين الدول، ولكن هناك إشكالية عند الدول في حالة وجود تنظيم يعتقد أن هناك هيبة ومكانة وقدرة لدى جهات معينة يمكنها أن تخترق السيادة، وهذه الجهات تعترف أنها كيانات شمولية تريد أن تعتدي وتخترق أنظمة وقوانين وسيادة تلك الدول.. الإمارات، أو أي بلد في العالم لا يقبل أن تكون هناك أنظمة تحاول أن ترى في نفسها أنها أنظمة مهيمنة، وأنها فوق أنظمة الدول، فقط لأن لديها ميثاقاً، أو رؤية تعتقد أنهما الوحيدان الصالحان لكل دول العالم.. نحن كدول نحترم بعضنا بعضاً، ونحاول أن نقدم أفضل السبل والخدمات لمواطنينا، ونستطيع أن نتحاور مع مواطنينا بشكل منفتح وشفاف، ولكن لا نقبل أن تكون هناك أطراف أخرى تستغل انفتاح دولنا".

وبتاريخ 22/11/2012 قال أحمد المليفي[9] المرشح آنذاك لعضوية مجلس الأمة الكويتي في ندوته التي تحدث فيها عن (حقيقة التآمر على الكويت) أن: "الإخوان المسلمين في مصر عرضوا على الكويت أن تقدم لهم مبلغ مليار ونصف المليار دولار مقابل سكوت الإخوان في الكويت عن العبث فيها".. ثم وجه رسالة لمن أسماهم قيادات الإخوان "نراقب لحظة بلحظة مخططاتكم وسوف نجاهدكم لأجل الوطن"!!

وبتاريخ 01/01/2013 استنكر محمود غزلان[10]، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، إتِّهام جماعة الإخوان المسلمين بتجنيد مصريين بالإمارات لقلب نظام الحكم فيها، وقال في تصريحات لصحيفة "الأهرام" المصرية إنَّ ذلك مجرَّد كلام الهدف منه إثارة البلبلة حول جماعة الإخوان المسلمين". وأوضح غزلان أنَّ الجماعة، لا تتدخل في شئون الدول الأخرى، وأننا حريصون على العلاقة الطيبة بين مصر والإمارات. وأضاف أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين يعملون بالإمارات بحثاً عن الرزق، ليس أكثر أو أقل، مثلهم في ذلك كأي مواطن مصري يعمل هناك، مؤكداً أنَّ الجماعة بعيدة تمامًا عن هذه الافتراءات، وسوف نردّ على هذه الأقاويل بالحقائق. وردًا على سؤال بشأن تصريحات متكررة لضاحى خلفان قائد شرطة دبي يهاجم فيها الإخوان المسلمين في مصر، ومدى علاقتها بإلقاء القبض على مصريين هناك قال غزلان "لقد عاهدت نفسي ألا أرد على هذا الرجل واصفاً إياه بأنه رجل لديه هواجس وأفكاره متصلبة، وكان أولى له الحوار معنا.. لا أعلم سبباً لكراهيته للإخوان"، مشيراً إلى أنَّه "لا يستبعد أن يكون قائد شرطة دبي ألقى القبض عليهم لمجرد الكراهية ودون تهمة محددة، انتقامًا من الإخوان". وكانت صحيفة "الخليج" الإماراتية نقلت في وقت سابق على لسان مصدر إماراتي وصفته بالمطلع أنه تَمَّ اعتقال خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وأشارت إلى أنَّ التحريات أكَّدت أنَّ هؤلاء الأشخاص ينتمون لتنظيم سري منذ سنوات وكانوا يعقدون إجتماعات سرية في مختلف مناطق الدولة فيما يطلق عليه تنظيميًا "المكاتب الإدارية".

وبتاريخ 09/02/2015 قال الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في سلسلة من التغريدات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر[11]: "ليس أمام الإخوان إلا التخلي عن الحزبية والمتاجرة بالدين والعبث بأرواح المسلمين.. عليهم هدم معابدهم السرية.. ليت أن الإخوان يدركون أن المملكة العربية السعودية تقود إلى كل ما يدعو للحفاظ على أمن مصر والعالم العربي والإسلامي خصوصا والعالم عموما".

وبتاريخ 11/02/2015 أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أنه لا توجد مشكلة بين المملكة وجماعة الإخوان المسلمين، التي صنفتها السعودية على أنها جماعة إرهابية، وجاء ذلك في مقال[12] للكاتبة السعودية سمر المقرن في صحيفة الجزيرة السعودية، التي نقلت عن الفيصل جوابه عن سؤال يتعلق يجماعة الإخوان المسلمين ومشاكلهم وأطماعهم: "ليس لنا أي مشكلة مع الإخوان المسلمين، مشكلتنا فقط مع فئة قليلة تنتمي لهذه الجماعة، هذه الفئة هم من في رقبتهم بيعة للمرشد".

ومن المهم جداً الإطلاع على الكلام الخطير الذي قاله الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي في صحيفة السياسة الكويتية[13] بتاريخ 25/11/2002 وهو يوضح الحقيقة المؤسفة لجماعة الإخوان المسلمين:

من أسوأ ما حدث لنا أثناء تحملي لمسؤولياتي هو الإعتداء على الحرم الذي أنهيناه في أسبوعين، كانت لهذا الإعتداء بوادر لكنها لم تكن تصل الى حد أنه يمكن فيه الاعتداء على الحرم وللأسف كانت مراجع المعتدين ومصادرهم من الكويت، دار الطليعة التي كانت مصدر كتبهم، وكان الى جانبهم تنظيمات أخرى منهم من تأثروا بالاخوان المسلمين ومنهم من تأثروا بجماعة التبليغ، لكنني أقولها من دون تردد أن مشكلاتنا وافرازاتنا كلها – وسمِّها كما شئت – جاءت من الاخوان المسلمين وأقول بحكم مسؤوليتي أن الاخوان المسلمين لما اشتدت عليهم الامور وعلقت لهم المشانق في دولهم لجأوا الى المملكة وتحملتهم وصانتهم وحفظت حياتهم بعد الله وحفظت كرامتهم ومحارمهم وجعلتهم آمنين.

إخواننا في الدول العربية الأخرى قبلوا بالوضع وقالوا إنه لا يجب أن يتحركوا من المملكة، استضفناهم وهذا واجب وحسنة بعد بقائهم لسنوات بين ظهرانينا وجدنا أنهم يطلبون العمل فأوجدنا لهم السبل ففيهم مدرسون وعمداء، فتحنا أمامهم أبواب المدارس وفتحنا لهم الجامعات، ولكن للأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة فأخذوا يجندون الناس وينشئون التيارات وأصبحوا ضد المملكة والله تعالى يقول "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان" هذا ما نعرفه لكن في حالهم الوضع مختلف على الأقل كان عليهم ألا يؤذوا المملكة إذا كانوا يريدون أن يقولوا شيئا عندهم لا بأس ليقولوه في الخارج وليس في البلد الذي أكرمهم.

أذكر أن عالماً فذاً هو الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله، عمل عندنا ثم توفي ودفن في المدينة المنورة، كتب كتابا قديما تعرض فيه للملك عبدالعزيز – رحمه الله – وعندما جاء وعمل في المملكة في كلية الشريعة في جامعة أم القرى في مكة، إلتقيته وقلت له يا فضيلة الشيخ أنت تعرضت للمملكة ولموحدها وأسالك بالله هل ما قلته في كتابك صحيح؟ قال قسما بالله لا، لكنني لا أستطيع أن أغير ما قلت وأنا في المملكة، إذا خرجت منها سأكتب، وأذكر أن أحد الإخوان البارزين تجنس بالجنسية السعودية وعاش في المملكة 40 سنة لما سئل من مثلك الأعلى قال مثلي الأعلى حسن البنَّا، كنت أنتظر منه أن يقول مثلي الأعلى محمد عليه الصلاة والسلام أو أبو بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو أحد أصحاب رسول الله، ما معنى اختياره لحسن البنَّا؟ معناه أن الرجل ما زال ملتزما بأفكار حزب الاخوان المسلمين الذي دمر العالم العربي. أقول لك بصراحة أن الاخوان المسلمين أساؤوا للمملكة كثيرا وسببوا لها مشكلات كثيرة، خذ عندك حسن الترابي لقد عاش في المملكة ودرس في جامعة الملك عبدالعزيز وأنا شخصيا أعتبره صديقي وكان يمر علي دائما وخصوصا عندما عمل في الإمارات لا يأتي إلى المملكة إلا ويزورني وما أن وصل الى السلطة حتى إنقلب على المملكة وخصوصيتها، وذات مرة أنشأت المملكة مطارا في السودان بعد تسلم الترابي للسلطة حضر وفد سعودي لتسليمه إياه لم يقل شكرا للمملكة على ما فعلت. ماذا أقول لك لقد تحملنا الكثير منهم ولسنا وحدنا الذين تحمل منهم الكثير، إنهم سبب المشكلات في عالمنا العربي وربما في عالمنا الاسلامي.


[1] موقع مركز المسبار للدراسات والبحوث

[2] عرض كتاب: (الإخوان المسلمون في الخليج) - موقع الإسلام اليوم، 23/02/2012

[3] عرض كتاب: (الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج) - موقع الجزيرة نت، 28/11/2010

[4] عرض كتاب: الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج - مركز المسبار للدراسات والبحوث

[5] خبر صحفي: (خلفان: "الإخوان" أشد خطراً من إيران) – موقع الإسلام اليوم، 06/02/2012

[6] خبر صحفي: (تصريحات إخوان مصر حول الإمارات تغضب الخليج) – موقع الإسلام اليوم، 11/03/2012

[7] خبر صحفي: (ضاحي خلفان يهاجم مجدّدًا الإخوان المسلمين) – موقع الإسلام اليوم، 29/08/2012

[8] خبر صحفي: (عبدالله بن زايد: الإخوان المسلمون فكر لا يؤمن بالدولة الوطنية ويعمل على اختراق هيبة وسيادة الدول) - جريدة الاتحاد، 09/10/2012

[9] خبر صحفي: (المليفي: الإخوان طلبوا 1.5 مليار مقابل استقرار الكويت!!) – موقع جريدة الوطن الكويتية، 22/11/2012

[10] خبر صحفي: (غزلان: خلفان ينتقم من الإخوان المسلمين) – موقع الإسلام اليوم، 01/01/2013

[11] الصفحة الرسمية: الفريق ضاحي خلفان تميم - موقع تويتر

[12] مقال صحفي: (ساعتان مع سعود الفيصل) – موقع الجزيرة، 11/02/2015

[13] خبر صحفي: (الأمير نايف قبل 13 عاماً لـ ”السياسة“: كل مشكلاتنا جاءت من “الإخوان المسلمين”) جريدة السياسة الكويتية، 09/03/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق