مقدمة

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا ‏كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾‏[1] صدق الله العظيم

وقَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ)[2]

الْحَمْد لِلَّه حَمْدا يليق بِجَلاَل وَجْهِه وَعَظِيم سُلْطَانِه، جَلّ جَلاَلُه، الْوَاحِد الْأحَد الْفَرِد الصَّمَد، لَه الْمَلِك وَلَه الْحَمْد وَهُو عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير، سُبْحَانَه وَتَعَالَى نَستعينه ونَستغفره،‏ وَنَعُوذ بِالله مِن شُرُور أَنَفْسُنَا وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا، مِن يَهْدِه الله فَلَا مُضِلّ لَه، وَمِن يُضْلِل فَلَا هَادِي لَه، وَأَشْهَد أَنّ لَا إلَه إلّا الله وَحْدِه لَا شَرِيك لَه، وَأَشْهَد أَنّ محمد عَبْد الله ‏‏ وَرَسُولُه، صَلَوَات اللَّه وَسلامُه عَلَيه وَعَلَى آله وَأَصْحَابَه‏ وَالتَّابِعِين، وَمَن سَارّ عَلَى نَهْجِه إِلَى يَوْم الدِّين‎.‎

منذ ستة سنوات وأنا أراقب تفاعلات وتداعيات ما يسمى "ثورات الربيع العربي" في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية، ومن المدهش فعلاً أنه لا يوجد حتى الآن مفكرين عرب يقدمون رؤية استراتيجية واضحة للتعامل مع تلك الأحداث التاريخية الخطيرة التي عصفت بأهم وأكبر الدول العربية، منها كانت على وشك الانهيار مثل تونس ومصر وأخرى قد أصبحت فاشلة تماماً مثل ليبيا واليمن وسورية، والمشكلة الأساسية برأيي هي عدم وجود رؤية استشرافية واضحة للمستقبل تعتمد أهداف وطنية يمكن تحقيقها بالتخطيط الاستراتيجي وتأهيل القيادات والكوادر وفق مفاهيم حديثة أساسها المصالح والتحالفات الاستراتيجية وليس العلاقات والصداقات الآنية والمنافع الحزبية والشخصية. وقد لفت نظري أن تنظيمات الإسلام السياسي على اختلاف عقائدها وأهدافها قد تسلقت بسرعة مدهشة موجة تلك الثورات الشعبية وسيطرت عليها وقامت بتوجيهها وفقاً لرؤيتها وخاصة جماعة الإخوان المسلمين.

وتُعتبر جماعة الإخوان المسلمين من أخطر وأهم التنظيمات التي ظهرت وانتشرت منذ بداية القرن الماضي تحت غطاء الصفة "الأخوية" والهوية "الإسلامية"، وقد حرص زعماء هذه الجماعة منذ نشأتها على توسيع دائرة عملهم حتى تكون حركتهم عالمية النطاق ويضمن لها الاستمرار بالاعتماد على تعدد مراكز التنظيمات التابعة لها والتي قامت بتأسيسها في الدول العربية والإسلامية ثم توسعت في معظم دول العالم. ويقول أتباع تلك الجماعة بأن دين الإسلام هو عقيدة كاملة تحكم توجهات المسلمين ومنهجاً شاملاً لكل مناحي الحياة، وهم يسعون لإقامة "الدولة الإسلامية" التي ستكون خلافة إسلامية على منهج النبوّة كما يدَّعون.

وقد اصطدمت جماعة الإخوان المسلمين مع عدة أنظمة ديكتاتورية وديموقراطية في الدول التي تُحظر قوانينها تأسيس الأحزاب على أساس ديني بسبب فصل الدين عن السياسة، ولذلك تورطت هذه الجماعة بصراعات دموية عنيفة مع السلطات الحاكمة في عدة دول، وكان السبب الرئيسي للخلاف المزمن والصراع المرير بين الأنظمة الحاكمة وجماعة الإخوان المسلمين عموماً هو طريقة العمل الحركي السري للجماعة ومخططاتها الغامضة المشبوهة ورفضها الاعتراف بهوية الدولة الوطنية أو الانتماء القومي ومحاولاتها المحمومة للهيمنة والسيطرة على وزارات التعليم والعدل والأوقاف والإعلام خصوصاً التي تُعتبر أجهزة حكومية سيادية ذات أهمية استثنائية في تشكيل الرأي العام للشعب وتوجيهه. ثم عدَّلت الجماعة من أسلوب المواجهة المسلحة المباشرة لما سببه هذا الأسلوب من إضرار بالغ بها وخاصة في مصر وسورية حيث فقدت العديد من القيادات والكوادر وتعرض أتباعها للاغتيال والاعتقال والتعذيب في السجون والمعتقلات والنفي والتشريد في دول العالم، ولذلك انحسر نشاطهم العام وتقلص تواجدهم الحركي العلني الذي كان يساعد على انتشار دعوتهم بين الناس.

بدأت العمل على تأليف هذا الكتاب عن جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بداية عام 2014 بعد متابعة مباشرة ومتواصلة للأحداث الدامية في سورية منذ اشتعال شرارة "ثورة الحرية والكرامة" منتصف شهر آذار/مارس 2011، ومن المهم التوضيح بأنه رغم أنني مُغترب بإرادتي ومهاجر عن وطني وأحمل الجنسية الأمريكية إلا أنني بالتأكيد عربي سوري الهوية ومُسلم الانتماء من أهل السُنًّة والجماعة (مع احترامي لكافة الطوائف والأديان) لكنني مستقل فكرياً وليس لي أي انتماء سياسي محدد وأنا لا أؤيد ولا أعارض أي أحد على أسس إيديولوجية أو طائفية أو مناطقية أو طبقية وليس لي علاقة مع أي حزب أو تيار سياسي داخل أو خارج سورية، ولم ولن أكون أبداً عضواً في تنظيم الإخوان الانتهازيين الذين لم أكن أهتم بأمرهم قبل بداية ثورة الحرية والكرامة في سورية، ولم أعمل معهم نهائياً ولا أشاركهم بأي مشروع حيث أن عملي الوطني مستقل تماماً عنهم وعن غيرهم لأن توجهاتي العملية كانت ‏وماتزال مهنية احترافية بحتة وليست مسيسة وفق إيديولوجيات دينية أو سياسية أو مناطقية‎.‎‏ 

وقد بدأت معرفتي المباشرة بتنظيم الإخوان عندما بدأت أشاهد انتهازيتهم وتسلقهم على ثورة الشعب السوري بعد مراقبة متأنية ومتابعة حثيثة لنشاطهم العام والخاص داخل وخارج سورية، وقمت بتوثيق الكثير من المعلومات الهامة عن مشاريعهم السرية والعلنية ومؤتمراتهم الخفية وتحالفاتهم ‏الحزبية ‏الإقصائية المشبوهة بعد مراجعة الكثير من مصادر المعلومات والمراجع والكتب والمقالات والدراسات ‏والأبحاث وعرفت عنهم الكثير من الحقائق المذهلة، وقد حاولت منذ البداية في تعاملي معهم أن أتمثل قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾[3]‏، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾[4].

وأثناء البحث في موضوع جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) تبين لي مدى أهمية وأولوية هذه الدراسة وضرورتها القصوى بالنظر إلى عدة اعتبارات منها نظرية علمية والأخرى واقعية عملية:

· الأهمية النظرية العلمية: هناك نقص كبير بنوعية وكمية الدراسات الأكاديمية والبحثية المتخصصة عن جماعة الإخوان المسلمين من الجانب المؤسساتي عموماً، وبسبب هذا التقصير كانت المراجع ومصادر المعلومات فيها قصور ملحوظ وإغفال غير مبرر وأحياناً تناقضات غامضة مثيرة للحيرة والجدل للكثير من الجوانب الفكرية والحركية عن جماعة الإخوان المسلمين وذلك لسطحية الأبحاث وقلة الدراسات العلمية التي تتناول هذا الموضوع الهام، وخاصة أنني قررت تناوله من الجانب الحركي لهذه الجماعة بمنظور "مؤسساتي" تحديداً، ولذلك لم أجد مراجع علمية موثوقة تساعدني في هذا البحث، رغم أن هذه الجماعة تأسست منذ أكثر من 85 عاماً ولها تاريخ طويل في عملها الدعوي والسياسي وممارساتها الحركية التطبيقية، وهذا الأمر كنت أريد تسليط الضوء عليه بمنهجية علمية في هذا الكتاب حتى تكون النتائج مثمرة ومفيدة من حيث طرح أبعاد جديدة لموضوع هذا البحث والتي أعتقد أنها ستكون استثنائية وغير مسبوقة.

· الأهمية الواقعية العملية: إن أهمية هذا الكتاب من الناحية العملية تتجلى من ناحية تناول موضوع حساس وهام للغاية يتعلق بالشأن العام لا تزال له تداعيات حركية خطيرة وتأثيرات فكرية واسعة ونتائج عملية فعلية عميقة في التاريخ المعاصر وخاصة أثناء سنوات ما يسمى ثورات "الربيع العربي" التي انتشرت بسرعة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية وقد تمتد لدول عربية أخرى، وخاصة أن الواقع الراهن وما نشهده من تطورات متلاحقة وأحداث متسارعة يتطلب الاهتمام جدياً بفكر جماعة الإخوان المسلمين وممارساتها العملية وتحليل تأثيرها السلبي المباشر ونتائجها الوخيمة على الساحة العربية والإقليمية والدولية في كافة المجالات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، رغم أن هذه الجماعة ما تزال تكرر نفس طريقة عملها الغوغائية التي ثبت فشلها الذريع سابقاً مراراً وتكراراً وكأن التاريخ المرير الحزين يعيد نفسه بكل مآسيه وآلامه!

ومن أهم الأسباب التي جعلتني أختار هذا الموضوع للكتابة عنه هي إدراكي بأهميته وحساسيته البالغة، حيث أن جماعة الإخوان المسلمين هي لاعب أساسي ومؤثر في التحولات الخطيرة والمتلاحقة والمتسارعة التي كانت وماتزال تشهدها بعض الدول العربية، وهي مستجدات طارئة وغير مسبوقة تتطلب البحث الجاد والتحليل العميق للكثير من الفرضيات المجهولة والأحداث الغامضة في ظل نقص الدراسات والبحوث التي تتناول دور جماعة الإخوان المسلمون وخاصة (فرع سورية) تحديداً من خلال مراقبة وتوثيق ممارساتهم السلبة وتقييم تأثيرهم المدمر على ما يجري داخل وخارج سورية، ومحاولة لفت اهتمام المسؤولين وصناع القرار العربي والدولي لخطر هذه الجماعة الفوضوية الفاشلة والمصائب الكارثية التي تسببت بها على مصير ومستقبل سورية وشعبها المنكوب.

وتتجلى أهمية هذا الكتاب في تركيزه على ممارسات جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) ودورهم المباشر في صناعة أحداث تاريخية ستتواصل تداعياتها الكارثية على المدى البعيد، كما تبرز أهمية موضوع هذا الكتاب في كونه يتناول ظاهرة "أخونة" و "عسكرة" و "إفساد" الحراك الشعبي المدني السلمي في سورية وتحويله إلى العنف الثوري والتطرف والإرهاب وهي سابقة خطيرة في التاريخ المعاصر لم تتضح معالمها المدمرة بعد بصورة نهائية، وخاصة أن هذا الموضوع تعتبره معظم الدول العربية والإقليمية أحد أهم محاور سياستها الاستراتيجية الوطنية وتهديد مباشر لأمنها القومي.

وفي هذا الكتاب الغير مسبوق عن جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) سوف أقدم أجوبة واضحة وصريحة على الأسئلة التالية:‏
1. كيف نشأت جماعة الإخوان المسلمين في مصر وماهي أيديولوجيتها وأنظمتها الداخلية وهيكلها التنظيمي؟
2. ماهي حقيقة العلاقة التاريخية الوطيدة بين جماعة الإخوان المسلمين ونظام الخميني في إيران؟
3. ماهي طبيعة انتشار جماعة الإخوان المسلمين في دول الخليج العربي؟
4. ما هو الرأي الشرعي بجماعة الإخوان المسلمين من منظور فقهي إسلامي؟
5. ماهي المرتكزات الفكرية لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) وماهي أهداف دعوتهم؟ وماهي "القاعدة الذهبية" في عمل الجماعة الحركي‏؟
6. ماهي البنية التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟ ومن هم القادة والشخصيات المؤثرة؟
7. ماهي عوامل انتشار لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) وتوسعهم في سورية؟ ومتى كانت مرحلة النفوذ والسيطرة لتلك الجماعة؟
8. كيف انخرط أعضاء جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بالعمل السياسي قبل انقلاب حزب البعث في سورية؟
9. لماذا كانت جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) تحاول مهادنة النظام البعثي الدكتاتوري الحاكم في البداية وتتجنب الصدام العنيف معه؟
10. ماهي الخطة العامة لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟ وما هو منهاج الثورة الإسلامية الذي كانوا يحاولون تطبيقه؟
11. لماذا تورط زعماء جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بالصدام المسلح مع النظام البعثي/الأسدي؟
12. ماهي مراحل الصراع الدموي على السلطة بين جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) والنظام البعثي/الأسدي؟
13. ماهي حقيقة الخلافات الداخلية والانشقاقات بين قيادات جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟
14. لماذا انقسم جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) خارج سورية إلى تنظيمين متناحرين لمدة عشر سنوات؟
15. ماهي أسباب العلاقة المريرة بين جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) والأكراد؟
16. ماهي تفاصيل النشاط السياسي جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) في المنفى بعد مجزرة حماة سنة 1982؟
17. لماذا أصدرت الجماعة مشروع ميثاق الشرف الوطني للعمل السياسي؟ وهل التزموا به؟
18. ماهي بنود المشروع السياسي للجماعة ورؤيتهم لسوريا المستقبل؟ وهل تم تطبيقه فعلاً؟
19. ماهي أسرار الاتفاقيات والتحالفات لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) وأسباب خلافاتهم مع حلفاؤهم بالمعارضة السورية؟
20. لماذا أعلنت جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) فجأة تعليق الأنشطة المعارضة للنظام؟
21. ماهي حقيقة نشاط جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) أثناء الثورة السورية؟ وهل يمارس زعماء الجماعة "التقية" السياسية؟
22. لماذا أصدرت جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) وثيقة عهد وميثاق بعد سنة كاملة من بداية الثورة السورية؟
23. لماذا تعتبر جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) نفسها بأنها التنظيم الوحيد الذي يحق له العمل السياسي حصرياً؟
24. لماذا دعمت جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) شخصيات هزيلة وفاسدة لتكون واجهة لها في منظمات ومؤسسات المعارضة السورية؟
25. لماذا تفضل جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) التحالف مع تيارات وشخصيات المعارضة ذات المواقف السياسية المتخاذلة المهادنة؟
26. هل يوجد فعلاً رابط بين جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) والفكر المتطرف المتشدد؟
27. كيف تعاملت جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) مع قرار الإدارة الأمريكية بوضع "جبهة النصرة" على لائحة المنظمات الإرهابية؟ وما هو رد فعلهم على ضربات التحالف الدولي لتنظيم "داعش"؟
28. كيف تمكنت جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) من الهيمنة على الثورة السورية وتسييسها ثم أسلمتها وعسكرتها وتسليحها؟
29. ماهي طريقة تحكم جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بتشكيلات المعارضة السياسية؟
30. لماذا رفضت الجماعة تحديد موقفها من كيفية إدارة الفترة الانتقالية في حال سقوط النظام البعثي/الأسدي؟
31. كيف استغلت الجماعة نفوذها الكبير في بعض الدول العربية والإقليمية لتحقيق مصالحها الحزبية؟
32. ماهي المؤتمرات السرية التي شاركت بها جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟ 
33. لماذا تسابق زعماء الجماعة للمشاركة في مفاوضات جنيف الفاشلة رغم إعلانهم رسمياً عدم المشاركة فيها؟
34. ماهي النشاطات والمشاريع التي قامت الجماعة بتنفيذها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؟
35. ما هو أسلوب عمل جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بالشأن العام؟
36. كيف يتم تأسيس وتمويل وإدارة المنظمات والمؤسسات التي يسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟ وماهي طريقة استقطابهم وتوظيفهم للكوادر الإدارية؟
37. ماهي مصادر التمويل المباشرة والغير مباشرة؟ وماهي حقيقة الأزمة المالية التي تعاني منها وماهي بنود خطة "الإنقاذ" المالية التي تعمل بها الجماعة حالياً؟
38. هل بالفعل يستلهم زعماء جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) شعارات ونظريات "ميكافيلية" لتحقيق مآربهم تحت شعار "الغاية تبرر الوسيلة"؟
39. لماذا لم تلتزم قيادات جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بالحوكمة المؤسسية وتعتمد النشاط الحركي السري الغامض المشبوه؟
40. لماذا ترفض جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بإصرار أي دعوة للعمل بشفافية ونزاهة وفق أصول وضوابط العمل المؤسسي السليم؟
41. لماذا لا يوجد آلية للرقابة المؤسسية والتدقيق المالي والإداري المستقل على أعمال وقرارات المنظمات والمؤسسات والجمعيات التي تُعتبر واجهات لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟
42. ماهي المنظمات والمؤسسات والجمعيات التابعة لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟ ومن هم القيادات والكوادر الإدارية التي تعمل بها وماهي مصادر تمويلهم ومشاريعهم؟
43. كيف انحرف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ‏عن أهدافه الأساسية وثوابته بإيعاز وتوجيه وتأثير سلبي مباشر من جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟
44. كيف تفاقم الفساد المالي والإداري والأخلاقي في مؤسسات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والحكومة السورية المؤقتة التي يهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟
45. هل تُعتبر جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بأنها "فرع محلي" تابع لجماعة الإخوان المسلمين في مصر؟
46. هل يسيطر المرشد العام في مصر على جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)؟ وهل قاموا بمبايعته؟
47. هل يدرك زعماء جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) حقيقة صراع البقاء المصيري وتداعيات انهيار الدولة البعثية/الأسدية؟ وهل قاموا بوضع خطط استراتيجية للتعامل مع تلك المخاطر الكارثية؟
48. ماهي محاولات الإصلاح والتغيير والدروس المستفادة من أخطاء الجماعة والنكبات التي تسببوا بها؟
49. ماهي الاتهامات والانتقادات التي وجهت للجماعة بسبب أكاذيبهم وتناقض تصريحاتهم؟
50. ما هو رد فعل الجماعة على الانتقادات لعملهم الغوغائي العشوائي الفوضوي الفاشل؟
51. كيف يتعامل جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) مع من يخالفهم؟
52. كيف يمكن مواجهة هذه الجماعة وتحييد تأثيرهم وإحباط مخططاتهم السرية المشبوهة وفق خطة عمل استراتيجية متكاملة؟

وللإجابة على تلك التساؤلات، قمت بدراسة وتحليل موضوع جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بعد مراقبة ومتابعة وتوثيق لمدة ستة سنوات كاملة (آذار/مارس 2011 - آذار/مارس ٢٠١٧) بناءً على سبعة محاور رئيسية تعتمد أساساً على إطار زمني متدرج (Chronological) منذ نشوء الجماعة وحتى يومنا هذا، وفق تواريخ محددة متتابعة وموثقة بمراجع ومصادر معلومات متعددة من مئات الكتب والمقالات الصحفية والعشرات من الدراسات والأبحاث والتقارير والمقابلات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية والأفلام الوثائقية عن هذه الجماعة، وكان منهجي في هذا البحث يعتمد على المحاور التالية:

أولاً - المحور التاريخي: وفيه مقدمة تاريخية عن تأسيس ونشأة الجماعة، هيكلية التربية الإخوانية، حقيقة الروابط الإيديولوجية المشتركة وتحالف المصالح التاريخي الاستراتيجي نظام الملالي الشيعي في إيران، تعريف موجز بتنظيمات الإخوان المسلمين في الخليج التي تؤمن الدعم والتمويل للجماعات "الشقيقة" في دول أخرى، والرأي الشرعي بهذه الجماعة حسب فتاوى موثقة من نخبة علماء المسلمين، وتفنيد "القاعدة الذهبية" في عمل الجماعة الحركي.

ثانياً - المحور التنظيمي: وفيه ميلاد الجماعة في سورية، والمرتكزات الفكرية وأهداف دعوتها، وعوامل انتشارها في سورية، وبداية النفوذ والسيطرة، والبنية التنظيمية، وأسماء القادة والشخصيات المؤثرة، والمرجعية التنظيمية.

ثالثاً - المحور الحركي السابق: وفيه تفاصيل صراع الجماعة مع النظام البعثي/الأسدي الحاكم في سورية، والخطة العامة للتنظيم، وتفاصيل بيان الثورة الإسلامية ومنهاجها الذي وضعته الجماعة في سورية بعد ثورة الخميني في إيران، ومراحل الصراع على السلطة، وأسرار الخلافات الداخلية التي عصفت بالجماعة، والنشاط السياسي في المنفى بما في ذلك المشروع السياسي والاتفاقيات والتحالفات والمؤتمرات والمفاوضات السرية والعلنية وتفاصيل العلاقة المريرة مع الأكراد.

رابعاً – المحور الحركي الحالي: نشاط الجماعة أثناء الثورة السورية وكيف تسلقت الحراك الثوري الشعبي وهيمنت عليه بطريقة انتهازيه، المؤتمرات والمفاوضات السرية، أسلوب العمل بالشأن العام، الحوكمة المؤسسية، والفرق بين النشاط الحركي والعمل المؤسسي، تعريف بمشاريع الجماعة والمنظمات والمؤسسات والجمعيات التي أسستها الجماعة أو شاركت بتأسيسها، ومصادر تمويلها العلنية والسرية، وتقييم الأداء أثناء الثورة.

خامساً – محور التقييم المؤسسي: محاولات الإصلاح والتغيير داخل الجماعة، علاقتها بالتطرف والإرهاب، الاتهامات والانتقادات، الحقيقة المريرة، الأكاذيب وتناقض التصريحات، رد فعلهم على الانتقادات، طريقة تعاملهم مع من يخالفهم.

سادساً – محور تحليل الواقع: وفيه تصور متكامل لصراع البقاء المصيري في سورية، وتحليل شامل عن عوامل انهيار الدولة البعثية/الأسدية التي تعتمد في بقائها على أجهزة المخابرات والجيش وحزب البعث والدبلوماسية والإعلام والاقتصاد والدعم الخارجي، ونتيجة منطقية للترقب والأمل.

سابعاً – محور المواجهة: وفيه خطط عمل استراتيجية متكاملة لتحييد تأثير الجماعة وإحباط مخططاتهم المشبوهة في سورية بناءً على المشروع السياسي الوطني المستقل، وإيجاد البديل القيادي، استقطاب الكوادر والكفاءات، تأسيس وتمكين منظمات المجتمع المدني، التوعية الإعلامية، تطبيق معايير الحوكمة الرشيدة والشفافية، وبناء مركز معلومات وطني لتوفير المعلومات الموثقة الصحيحة، والمنهجية العملية والعلمية لكشف حقيقة تنظيم الإخوان ومخططاتهم ومشاريعهم السرية.

وقد حرصت أثناء تأليف هذا الكتاب على الالتزام بعدة ضوابط بحثية أكاديمية بطريقة علمية مدروسة ومنها:
  • الاعتماد على مصادر معلومات متنوعة ومراجع متعددة لتحري الحقيقة والتدقيق في الفرضيات حتى تثبت صحتها بعد المقارنة بين عدة مصادر ومراجع قبل الاقتباس منها.
  • الاعتماد على الحقائق التاريخية الموثقة بعد الاستقصاء والرصد من مصادر متعددة - وفي حالة تناقض المعلومات - ترجيح مصداقية أحد المصادر بطريقة علمية واضحة قبل الاقتباس منه.
  • الاطلاع على جميع الآراء سواءً كان سلبية أم إيجابية وقد تكون مؤيدة أم معارضة للفكرة التي أريد طرحها ثم بلورة أراء منطقية مُقنعة ونشرها بكل صدق وصراحة.
  • الاستقراء والاستنباط بطريقة منهجية موحدة تعتمد على البديهيات وحقائق الواقع لاستنتاج الرأي النهائي في حالة غموض حيثيات الموضوع.

لقد لاحظت النشاط المكثف لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) وتأثيرهم المباشر على الأحداث المصيرية في سورية ولم أكن أعرف الكثير عنهم سابقاً، وقمت بالبحث عن أي معلومات تتعلق بهذه الجماعة مع التركيز على نشاط الجماعة في سورية تحديداً، حيث تمكنت بفضل الله من تجميع أرشيف ضخم من الوثائق والمستندات والصور والفيديوهات التي توثق لتلك الأحداث التاريخية المصيرية. وقد حصلت أيضاً على ثروة كبيرة من المعلومات من خلال حضوري للكثير من المقابلات واللقاءات والحوارات الخاصة مع خبراء ومستشارين ومحللين سياسيين ودبلوماسيين ‏وعسكريين وشخصيات عامة وقيادات مدنية وحزبية وشيوخ دين من مختلف المناطق والمذاهب والطوائف، كما شاركت في عدة مؤتمرات وندوات واجتماعات ونقاشات عامة حيث تعرفت خلالها على آراء وأفكار نخبة من المفكرين والباحثين وحصلت على العديد من أوراق العمل والأبحاث عن ‏الوضع في سورية، وقدمت عدة ورشات عمل تدريبية للنشطاء السوريين عن تأسيس وإدارة المنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع ‏المدني في سورية حيث اطلعت خلالها على أفكار ومشاريع المشاركين من مختلف المناطق والتيارات الحزبية ‏والإيديولوجية.‏ 

وقد شعرت بأن المضايقات من جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) قد بدأت فعلياً تتصاعد ضدي منذ أن قمت بتأسيس مركز سورية الاستشاري بداية عام 2013 وذلك بعد انسحابي من تأسيس مشروع وطني كبير "مؤسسة سورية" الذي كنت أعمل عليه مع مجموعة من النشطاء السوريين الذين اكتشفت لاحقاً انتهازيتهم وغموض توجهاتهم وسرية أهدافهم[5]، ومن المعروف أن أي عمل ‏وطني مستقل إذا لم يكن تحت إشراف وسيطرة تنظيم الإخوان فهم سيحاربونه ‏بشراسة ويحاولون عرقلته حيث أن زعماء ‏هذا التنظيم ‏وأتباعهم ومؤيديهم ومموليهم منتشرون في كل ‏مكان ولهم نفوذ واسع وهم لا يعجبهم إطلاقاً العمل المؤسسي ‏الصحيح ‏لأنه يشكل خطراً مصيرياً داهماً على ‏مشاريعهم المشبوهة الفاسدة التي يريدون لها أن تبقى سرية وغامضة بعيداً عن ‏المساءلة ‏والمحاسبة وهذا ‏يتعارض مع مبادئ الحوكمة المؤسسية الرشيدة ومتطلبات الشفافية والنزاهة لمن يعمل في ‏المنظمات ‏‏الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، وخاصة بعد تقديمي شخصياً لورشات العمل المؤسسي التي تم خلالها تدريب ‏‏550 من ‏النشطاء ‏السوريين في مجالات عمل متنوعة منها: إغاثية، طبية، تأهيلية، تعليمية، إعلامية، ‏حقوقية، اجتماعية، دينية، ‏ثقافية، فنية، ‏رياضية، إعمار، زراعية، صناعية، سياحية، تجارية، إدارة محلية. ‏وقد كان المشاركون في ورشات العمل ‏التي قدمناها ‏ينتمون لمختلف التوجهات الفكرية والتيارات السياسية ‏والايديولوجية، وحضر متدربين سوريين من عدة مناطق ‏سورية وتميزت مشاركتهم بعملهم الجماعي رغم ‏اختلافاتهم الحزبية والفكرية وتباين توجهاتهم الإيديولوجية، وكان ‏هناك ‏مشاركين في ورشات العمل من ‏أديان وطوائف مختلفة لكنهم كانوا يعملون بفعالية مع بعضهم من أجل ‏إعمار سورية ‏المنكوبة. وانتشرت ‏ثقافة "المأسسة" ومتطلباتها على نطاق واسع بين النشطاء السوريين الذين بدأوا ‏يتساءلون عن ‏مصير ‏التمويل الهائل الذي يستلمه تنظيم الإخوان المسلمون (فرع سورية) حصرياً باسم الشعب السوري؟ وانطلقت حملات إعلامية ‏واسعة ‏للبحث عن الملايين ‏المنهوبة من المساعدات الإنسانية المخصصة للشعب السوري المنكوب، وهذا ‏أزعج بشدة قيادات تنظيم الإخوان المسلمون (فرع سورية) وأقلقهم لدرجة تحريضهم لبعض أتباعهم من السفهاء لمهاجمتي إعلامياً عبر شبكات ‏التواصل الاجتماعية في الفيس بوك وتويتر للتشكيك بمصداقيتي المهنية وتوجهاتي الوطنية المخلصة ﴿إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾[6]، وحتى نشر إشاعات شخصية مؤسفة عني ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾[7]، وقد وصل بهم الحال أن أرسلوا لي ‏تهديدات مبطنة وعلنية وشتائم بذيئة وفاحشة ﴿آلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ ‏وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾‏[8]، وقاموا بفبركة ‏قضية قانونية كيدية ضدي بوثائق مزورة لإسكاتي وعرقلة عملي الوطني من أجل بلدي المنكوب ومُنعت من السفر لمدة سنة كاملة في دولة عربية "شقيقة" وتسببت تلك القضية لي بظلم فادح وقهر شديد وتعرضت لمتاعب صحية خطيرة ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾‏[9]، وأنا لا أستبعد أن تتدهور الأمور ‏لمحاولة ‏الإيذاء الشخصي وحتى الاغتيال ﴿فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾‏[10]، وخاصة بعد نشر هذا الكتاب عن تنظيم الإخوان في ‏سورية والذي أتوقع أن يتسبب بضجة كبيرة وغير مسبوقة حيث أنني أنوي ترجمته لعدة ‏‏لغات وتوزيعه على وكالات الأنباء ‏العربية والأجنبية والشبكات الإخبارية العالمية والسفارات والقنصليات ‏والمنظمات الدولية ومراكز الدراسات والأبحاث الدولية ‏للتوعية بحقيقة تنظيم الإخوان المسلمون (فرع سورية) ومخططاتهم السرية الخبيثة المشبوهة‎.‎‏‏

لقد قامت جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بتأسيس الكثير من المنظمات والمؤسسات والجمعيات تحت شعار أنهم ‏يعملون من أجل ‏سورية، لكنها في الواقع كلها تنظيمات مُسَيسة وفق استقطابات إيديولوجية إقصائية وقد تم تشكيلها بناءً ‏على محاصصات حزبية ومناطقية ‏خاصة بهم، وجميعها تعمل بطريقة غوغائية وعشوائية فاشلة ويستشري فيها ‏الفساد بسبب غياب الرقابة الداخلية والتدقيق المستقل ‏في سجلاتها الإدارية والمالية، وتفتقر للحد الأدنى من ‏‏منهجية التخطيط ‏الاستراتيجي الصحيح للتنظيم الإداري والمالي، ولا يُدرك القائمون ‏على تلك المنظمات ‏والمؤسسات الإخونجية أهمية العمل المؤسسي الصحيح ‏وأساسيات الشفافية والحوكمة الرشيدة. وقد اكتشفت بأن معظم موظفي تلك المنظمات والمؤسسات هم من الأشخاص الانتهازيين الذين تمكنوا بواسطة أقرباؤهم ‏وأصدقاؤهم ‏من الحصول على وظائف هم ليسوا مؤهلين لها إطلاقاً ولا يحملون الحد الأدنى من الشهادات ‏العلمية والخبرات العملية ‏المطلوبة لعملهم والعديد منهم يعملون بأسماء وهمية وجوازات سفر وهويات شخصية مزورة. ونتيجة لذلك فقد تورطت جماعة ‏الإخوان المسلمون (فرع سورية) بأعمال غير قانونية وصلت إلى حد تبييض ‏الأموال والتعامل مع عصابات مهربي النفط الذين لهم ارتباطات مباشرة مع تنظيمات إرهابية مثل الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش"، وأيضاً طباعة وشراء مليون جواز سفر سوري مزور بطريقة سرية غير قانونية ‏وتهريب وتجارة ‏العملة المزورة وسرقة نسخة كاملة من السجل المدني السوري وأجهزة طباعة حكومية لإصدار وثائق ‏‏رسمية طبق الأصل من التي يصدرها النظام السوري وتزوير جوازات سفر وهويات شخصية وإخراج قيد ‏ميلاد وبيانات ‏أمنية ودفاتر عائلية وشهادات قيادة وملكية سيارات وشهادات جامعية وتزوير شهادات الوفاة ‏وحصر الإرث ونقل ملكية ‏العقارات وتسريب معلومات سرية عن أنشطة المعارضة السورية المنافسة لهم وغير ذلك الكثير، ويوجد وثائق رسمية تؤكد بالدليل ‏القاطع أن بعض أتباع تنظيم الإخوان المسلمون (فرع سورية) يعملون بطريقة غامضة ومريبة مثل ‏عصابات المافيا ويفتقر عملهم للحد الأدنى من النزاهة بممارساتهم ‏المشبوهة التي سيكون لها تداعيات قانونية ‏وأمنية خطيرة للغاية عليهم[11].‏

ولاشك أن محاولة الكتابة عن جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بمنهجية أكاديمية وأمانة علمية هي مهمة صعبة للغاية من البداية إلى النهاية، بسبب غموض هذه الجماعة (فرع سورية) تحديداً التي لجأت للعمل السري والتكتم الشديد على نشاطاتها ومشاريعها بعد هزيمتها المنكرة في المواجهات الدامية مع النظام البعثي/الأسدي ‏الحاكم أثناء صراعهم الشرس على السلطة وملاحقة كوادر الجماعة الذين تم اعتقالهم أو اغتيالهم أو هربوا خارج سورية وبالتالي توقف نشاطهم الحركي بالكامل داخل سورية، ولذلك أصبحت المعلومات عنهم نادرة وشحيحة جداً سوى ما ينشرونه هم من تصريحات وبيانات عبر مكتبهم الإعلامي، وقد شعرت في عدة مراحل أثناء تأليف هذا الكتاب بأنني أبحث عن أشباح في دهاليز مظلمة وأنظر إلى سراب بقيعة في صحراء مُقفرة بعد أن واجهتني الكثير من المشاكل والصعوبات كان أهمها:

* البحث في موضوع جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) يُعتبر حقل ألغام شائك وهو موضوع معقد للغاية وخطير ومزعج جداً لمن يبحث فيه بسبب خلافاتهم الإيديولوجية ومماحكاتهم السياسية وصراعاتهم الدموية على السلطة مع النظام البعثي/الأسدي ‏الحاكم والجدل الشعبي الواسع الذي أثارته هذه الجماعة خلال سنوات طويلة من عملهم بالشأن العام بطريقة غوغائية عشوائية فوضوية فاشلة.

* تُعتبر جماعة الإخوان المسلمين من التنظيمات الحركية السرية التي تعمل في الخفاء بطريقة غامضة ويلتزم أعضاؤها بالسرية المطلقة والكتمان الشديد، وهذا ما يؤكده سعيد حوى - القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) وأحد كبار مُنظريها – فيقول[12]: "كل ما يدور ويجري بينك وبين إخوانك سرٌّ لا ينبغي أن يّطَّلع عليه أحد مهما كانت قرابته أو صداقته أو أخوته أو اعتباره.. وليعلم الأخ أن طريقنا هذا يحتاج إلى رجال تموت أسرارهم بموتهم.. عندما تكون في عمل تحرص على أن لا يتعرف عليه أحد.. عدم الاعتماد على الكتابة إلا في الضرورة القصوى وخاصة الأسماء والمعلومات، واستعمال الرمز إن لم يكن بد.. على الأخ أن يتقن كتمان هويته عندما تكون المصلحة في ذلك..". ولذلك فإن مجرد الاقتراب من هذه الجماعة لاستكشاف أسرارها المجهولة ومعرفة أخبارها "الخاصة" يُعتبر مُسبقاً مهمة مستحيلة، وهو الأمر الذي ضاعف من المصاعب التي واجهتني أثناء البحث عن مصادر المعلومات الموثوقة وكاد أن يتسبب لي بإحباط شديد بسبب المشقة البالغة في الحصول على المعلومات الصحيحة الموثقة، وقد اكتشفت أنه يوجد الكثير من الإشاعات والأكاذيب التي يفبركها وينشرها أتباع هذه الجماعة أنفسهم ويروجون لها لتضليل من يراقبهم وتشتيت جهود من يتابع نشاطهم وصرف تركيز كل من يريد معرفة حقيقة خططهم المشبوهة ومشاريعهم السرية.

* الكتابة عن تنظيم "مافيا" سري محظور بحجم وخطورة وأهمية جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) ‏تطلب مني قراءة ومراجعة وتدقيق المئات من المراجع والوثائق ومصادر المعلومات ومنها نشرات مواقع إلكترونية، كتب ومذكرات، دراسات وأبحاث وتقارير، مقالات صحفية، مطبوعات ومنشورات المؤتمرات والندوات، ومشاهدة العشرات من فيديوهات المقابلات والتسجيلات الإذاعية والتلفزيونية، الخ، وقد كنت حريصاً على ذكر مصادر معلومات محددة وموثقة تؤيد وجهة نظري وتؤكد الاستنتاجات التي توصلت إليها عملاُ بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾[13]، وامتثالا لقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ﴾[14]. 

وقد تطلب جمع وأرشفة وتوثيق مصادر المعلومات وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، وقد واجهتني الكثير من المصاعب والعراقيل أثناء البحث لأن بعض الكتب القديمة النادرة عن جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) وخاصة المنشورة قبل سنة 1980 كانت غير متوفرة في المكتبات الخاصة والعامة رغم أهميتها، كما أن معظم كتب جماعة الإخوان المسلمين عموماً ممنوع تداولها في بعض الدول العربية التي تُحظر نشاط تلك الجماعة، والكثير من المواقع والصفحات والمدونات التابعة لجماعة الإخوان على الإنترنت كانت محجوبة ولا يمكن الدخول إليها، وقد لاحظت أنه يتم فجأة حذف العديد من الكتب والمقالات والفيديوهات عن جماعة الإخوان المسلمين من عدة مواقع إلكترونية لأسباب غامضة! ومع ذلك فقد تمكنت بعون الله من تجاوز معظم تلك العقبات وقمت بنسخ بعض المواضيع الهامة طبق الأصل من تلك المراجع والمصادر ضمن هذا الكتاب لتسهيل قراءتها مع الإشارة لمصدرها الأصلي الذي قد لا يكون متوفراً بسهولة للقارئ العادي.

* كان يوجد بالفعل الكثير من الكتب والمقالات عن جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإسلامية عموماً، لكن المؤلفات عن فرع هذه الجماعة في سورية تحديداً كانت قليلة إلا ما نشره زعماء وأتباع تلك الجماعة أنفسهم، وهي بالمجمل مذكرات شخصية لهم تؤرخ لنشاطهم الحزبي وتروج لوجهة نظرهم الخاصة، وفيها الكثير من التفاخر والزهو والإعجاب بتنظيمهم وقياداتهم وحافلة بالتدليس والأكاذيب والإشاعات والمبالغات والمغالطات وإخفاء للحقائق وطمس للمعلومات وتحوير وتزوير وفبركة لأحداث تاريخية هامة بالإضافة لتعمدهم عدم نشر الأسماء الحقيقية للأشخاص المذكورين وإخفاء هويتهم الحقيقية! وكانت معظم الكتب والمذكرات الشخصية لجماعة الإخوان المسلمين في حقيقة الأمر هي بكائيات ونواح على "قهر وظلم وطغيان وقمع" يقولون بأنهم يتعرضون له باستمرار من السلطات الحاكمة ومحاولات يائسة منهم للنأي بأنفسهم عن أخطاؤهم الكارثية والتهرب من تبعاتها السلبية الهائلة والتنصل من المسؤولية الأخلاقية والشرعية والقانونية عن دورهم الفعلي بافتعال أزمات خطيرة وتورطهم في صراعات دموية وتهورهم في مغامرات خطيرة غير محسوبة العواقب ومواجهات مسلحة للهيمنة على السلطة كان نتيجتها مصائب كبيرة ونكبات هائلة على أتباع هذه الجماعة وغيرهم وتسببت بتصفية قياداتهم واعتقال كوادرهم مع عائلاتهم وأقاربهم وأصدقاؤهم وجيرانهم وتهجير وتشريد عشرات الآلاف من الأبرياء وتدمير عدة قرى ومدن كانت تنشط فيها الجماعة سراً وعلناً.

* كنت أدرك مسبقاً أن تناول هذا الموضوع الحساس سيكون مغامرة غير محمودة العواقب، وقد واجهتني الكثير من المحاذير والمخاطر، واضطررت لتجاوز عدة "خطوط حمراء" أثناء العمل على هذا الكتاب بسبب ارتباط جماعة الإخوان المسلمين الوثيق بأنظمة بعض الدول العربية والإقليمية والدولية وأجهزتها الأمنية وتغلغلهم في معظم الدوائر الحكومية وتحكمهم ببعض الشبكات الإعلامية العربية الكبرى وسيطرتهم على شركات تجارية ومنظمات عامة ومؤسسات وجمعيات خاصة وعلاقاتهم الوطيدة مع شخصيات هامة لها سَطوة مباشرة وتأثير خطير على كل من يجرؤ على توجيه النقد لهذه الجماعة أو مناقشة ممارساتها ومخططاتها بطريقة سلبية. وقد تعرضت شخصياُ لمتاعب مزعجة ومصاعب مريرة بهدف عرقلة تأليف هذا الكتاب، وتم الضغط عليَّ كثيراً للتوقف عن انتقاد ممارسات جماعة الإخوان المسلمين ونشر رأيي السلبي فيهم، لكنني قررت عدم التراجع مهما كلف الأمر والصمود والصبر حتى النهاية رغم كل الأذى والضرر الذي لحق بي منهم مستلهماً قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾[15]، وقوله سبحانه: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾[16]، وقوله سبحانه: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾[17]

* شعرت بالتردد قبل تأليف هذا الكتاب، وعانيت كثيراً من تأنيب الضمير والقلق الشديد وخشيت التورط بالفتنة بين جماعات المسلمين وتأجيج الخلافات وتسعير الحساسيات بسبب كشف بعض الحقائق المؤسفة في هذا الكتاب عن جماعة الإخوان المسلمين، ولقد تيقنت بأن نشر حقيقة ما أعرف عن تلك الجماعة هو واجب وطني وقول الحق عنهم هو واجب شرعي حتى لا أكون "شيطان أخرس"[18]، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[19]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ)[20]، لكنني كنت أفكر في قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ‏﴾[21]، وقوله الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾[22]، وأتذكر العديد من الأحاديث النبوية التي تحض على التعاون ونبذ الخلافات، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَخُونُهُ وَلَا يَكْذِبُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، عِرْضُهُ وَمَالُهُ وَدَمُهُ، التَّقْوَى هَا هُنَا، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْتَقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ)[23]، وقَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا...)[24]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ)[25]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ...)[26]. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ[27] وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا...)[28]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ)[29].

وكان السؤال الذي يشغل تفكيري هو هل يجب عليَّ أن أرى المُنكر من ممارسات جماعة الإخوان المسلمين وأصمت[30]؟!! وهل حديثي عن هذه الجماعة هو من " الْمِرَاءَ" الذي حذر منه رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ وهل هذا الأمر يعنيني بصفتي مُسلم؟ ولكن ماذا عن قَول رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَلا لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِالْحَقِّ إِذَا رَآهُ أَنْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ، فَإِنَّهُ لا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلا يُبْعِدُ مِنْ رِزْقٍ)[31]، وقَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ إِذَا رَأَى أَمْرَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالًا، فَلَا يَقُولُ بِهِ، فَيَلْقَى اللَّهَ وَقَدْ أَضَاعَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: مَا مَنَعَكَ؟ فَيَقُولُ خَشِيتُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: أَنَا كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى)[32]. وقال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا رَأَى النَّاسُ الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ، وَالظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، فَيُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ)[33]، وقال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ) [34]، وقال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ)[35]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قَالَ رَبُّكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى "وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْتَقِمَنَّ مِنَ الظَّالِمِ فِي عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، وَلَأَنْتَقِمَنَّ مِمَّنْ رَأَى مَظْلُومًا فَقَدَرَ أَنْ يَنْصُرَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ")[36]، ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾[37]. ولا شك بأن نشر العِلم وتبيان الحقيقة هو واجب شرعي على كل مسلم، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾[38]. قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)[39].

ويعلم الله بأنني قد حاولت جاهداً أثناء تأليف هذا الكتاب أن أعمل بوحي هذه الآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ ‏خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ‏﴾[40]. وكان منهاج عملي هو قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ ‏تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾[41]، وقد حاولت بكل صدق وإخلاص وحسن نيَّة أن أكون مُنصفاً وأميناً ومتوازناً في رأيي بدون تشدد أو مبالغة، لكنني أيضاً لم أكن متهاوناً ولا متساهلاً في نشر الحقيقة المجردة مهما كانت مؤلمة ومزعجة، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (تَحَرَّوُا الصِّدْقَ وَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنَّ فِيهِ الْهَلَكَةَ، فَإِنَّ فِيهِ النَّجَاةَ، وَاجْتَنِبُوا الْكَذِبَ وَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنَّ فِيهِ النَّجَاةَ، فَإِنَّ فِيهِ الْهَلَكَةَ)[42]، ولم ولن أخاف من الجهر برأيي الصريح علناً للتحذير من مؤامرات ودسائس هذه الجماعة أو غيرهم بدون أن أجاملهم أو أحابيهم أبداً لأنني كنت وسأبقى بعون الله لا أخشى في قول الحق لومة لائم، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا)[43]، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾[44]. 

* حاولت جاهداً التجرد من مشاعري الشخصية أثناء تأليف هذا الكتاب، وكنت في صراع فكري متواصل بسبب التأثير المباشر من مؤهلاتي العلمية في مجال الإدارة ورأيي المهني الاحترافي كخبير إداري ومستشار تخطيط استراتيجي مع خبرة عملية تجاوزت 25 سنة عملت خلالها على عدة مشاريع كبرى ناجحة في شركات ومؤسسات خاصة وعامة في دول عربية وأجنبية، وكانت المقارنة المُحزنة تقفز دائماً إلى تفكيري عندما أرى طريقة النشاط الحركي السري وأسلوب العمل الغوغائي لجماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) الذي كان يتميز دائماً بالارتجالية والعشوائية والتخبط المتواصل وسوء التقدير المتكرر والفشل المزمن والفساد الأخلاقي والإداري والمالي المريع.

ولتجاوز تلك المصاعب والعراقيل وضعت خطة محددة لإنجاز هذا الكتاب من منظور تقييم مُؤَسَسَّي شامل يعتمد أساساً على معرفة كيفية نشوء جماعة الإخوان المسلمين في مصر ثم في سورية والبلدان الأخرى، ومحاولة فهم التأصيل الفكري لمنهجية الجماعة وعقيدتها وأسس هيكليتها التنظيمية وجذور ارتباطاتها المعقدة وعلاقاتها المتشعبة وتحالفاتها المتذبذبة السرية والغامضة، والتعمق بدراسة الأحداث السياسية والظروف التاريخية المحلية والإقليمية والدولية التي مرَّت بها الجماعة، وتحليل الأسباب الحقيقية التي أجبرت زعماء الجماعة على اتخاذ قرارات مصيرية حاسمة ومواقف محددة وخلفيات تصريحاتهم الإعلامية وأسباب ردود فعلهم على المصاعب والتحديات التي واجهتهم وكيف قاموا بمواجهتها أو تجاهلها والتهرب منها. وقد حاولت الابتعاد قدر الإمكان عن التقييم الفقهي والشرعي والقانوني للجماعة لأن ذلك ليس من اختصاصي في الإدارة التنفيذية والتخطيط الاستراتيجي، وقررت التركيز على تقييم ممارسات الجماعة الحركية ضمن الإطار المؤسساتي عموماً وعدم الخوض كثيراً في تفاصيل فقهية وفكرية وتنظيمية وتاريخية لن تكون مفيدة للموضوع الأساسي لهذا الكتاب وأهدافه.

ورغم كل الجهود المبذولة لتأليف هذا الكتاب حسب المعايير الأكاديمية المتعارف عليها، إلا أنني لا أدَّعي أبداً بأنني قد تمكنت فعلاً من تفكيك كل رموز جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) وتحليل شيفراتها التنظيمية السرية وتشريح شبكاتها الحركية المعقدة وفهم تركيبتها الفكرية الغامضة بشكل كامل، وبطبيعة الحال فإن عملي هذا لم ولن يكون كاملاً لأن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى ﴿وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[45]، ولكنها محاولة أولية متواضعة لتسليط الضوء بطريقة واقعية ومنطقية على أحد أكثر تنظيمات الإسلام السياسي إثارة للجدل في التاريخ المعاصر. وأعتقد بأنني قمت بخطوة جديدة ومحاولة جريئة غير مسبوقة في سورية بالاقتراب من أسوار هذه "المافيا" الرهيبة ودخلت بعض سراديبها وتجولت داخل دهاليزها المظلمة وبحثت في كواليسها المحرَّمة وتمكنت من رفع بعض ستائر السرية والكتمان عنها، ولا شك أن هذا الموضوع الهام ما يزال بحاجة لدراسات كثيرة مماثلة بمنهج اجتماعي/سياسي (Sociopolitical) ومنظور جغرافي/استراتيجي (Geostrategic)، وهو لا شك طريق مُضني وطويل في سبيل كشف الحقيقة كاملة عن هذه الجماعة حتى يعرفها الشعب السوري المنكوب.

وعلى النقيض من كل الحقائق المزعجة المؤسفة والانتقادات السلبية المريرة المنشورة في صفحات هذا الكتاب عن جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)، إلا أنني لا أتهم صراحةً أي أحد منهم شخصياً بالخيانة أو الفساد أو النفاق أو الكُفر ولا أشكك بوطنيته وإخلاصه لبلده وشعبه ولا أطعن بإيمانه وعقيدته، سواءً كان ذلك بصفته المعنوية أو الاعتبارية، لأن هكذا اتهامات تُعتبر من اختصاص السلطات القضائية والشرعية التي يجب أن تصدر أحكامها على الخونة والمفسدين بعد محاكمة مُنصفة وعادلة حسب القوانين والتشريعات المعتمدة. 

ورغم معرفتي المسبقة بالعقلية المتحجرة العنيدة لزعماء الإخوان ورعونة وعنجهية أتباعهم وصفاقتهم ووقاحة تصرفاتهم - الذين للأسف ينطبق على غالبيتهم قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ﴾[46] - إلا أنني أتمنى لهم فعلاً الهداية والرجوع عن الباطل إلى طريق الحق لتصحيح مسارهم، وأذكرهم بقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَاتّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾[47]، وأنصحهم بالتراجع عن طريق الضلال المُظلم الذي ساروا فيه طويلاً وخاصة أثناء ثورة الحرية والكرامة في سورية حتى لا ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: ﴿مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾[48]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا ‏وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾[49]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[50].

وأتمنى من القارئ الكريم أن يستفيد من محتويات هذا الكتاب لتطبيق ما فيه من الدروس والعِبَر عن أخطاء جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) والتعلم من فشلهم الذريع بسبب ممارساتهم الغوغائية لتفادي تكرار مآسي الماضي الحزين، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين﴾[51]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[52]. قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: (خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ)[53]. 

ونحن الآن بحاجة ماسة لخبراء ومستشارين سوريين على مستوى مهني متميز لبلورة رؤبة وطنية واضحة ووضع خطط استراتيجية شاملة لإعادة إعمار بلدنا المنكوب. وقد توصلت إلى قناعة نهائية مؤكدة بأن الحل الوحيد ‏للانفلات الأمني والتطرف الفكري ‏والفوضى العارمة في سورية سيكون ‏عبر تأسيس ‏وتمكين المنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني وفق أصول ومعايير ‏الحوكمة المؤسسية الرشيدة ‏التي ‏تضمن النزاهة، ويجب على كل مواطن سوري حر شريف أن يقوم بدور ريادي وفاعل في تأسيس ‏ودعم مشاريع وطنية حقيقية مستقلة من أجل سورية وشعبها المنكوب بالنظام البعثي/الأسدي الديكتاتوري القمعي والمعارضة ‏السورية الغوغائية الفاشلة التي يسيطر عليها تنظيم الإخوان المسلمون (فرع سورية) والتي أصبحت بممارساتها الفوضوية المؤسفة تزيد من حجم الدمار والضحايا وتضاعف المعاناة والألم.

وفي النهاية، أؤكد بأنني لم ولن أسعى للانتقام من أحد، وقد كان السبب الرئيسي والأساسي لتأليف هذا الكتاب هو رغبتي بالإصلاح كما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿.. إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾[54]، ولا أملك إلا أن أقول بأنني قد حاولت عرض رأيي الخاص بممارسات جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية) بكل موضوعية وحيادية ومهنية، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾[55]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا﴾[56]، وقال سبحانه: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[57]، وهذه شهادتي أمام الله والوطن والشعب والتاريخ، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾[58]، وقد قمت قبل النشر بالاستعانة بالعديد من الخبراء والمستشارون لتدقيق هذا الكتاب من كافة النواحي الشرعية والتاريخية والقانونية واللغوية. وإنني أُدرك تماماً بأن بعض فقرات هذه الكتاب ستكون مفاجئة جداً ومزعجة للغاية وفيها الكثير من الانتقادات المريرة التي تعبر عن استيائي الشديد من تصرفات جماعة الإخوان المسلمون (فرع سورية)، وقد اضطررت لذكر الكثير من الحقائق المؤسفة كما هي بدون رتوش أو تجميل بسبب مساوئها الفظيعة التي لا يمكن كتمانها أو التغاضي عنها لأنها حقٌ عام، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾‏[59]، وما أنا إلا بشرٌ قد يخطئ ويُصيب، فإن كنت قد أخطأت فأرجو مسامحتي والصفح عني، وإن كنت قد أصبت فذلك رجائي وأملي، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾‏[60]، وكل ما أرجوه هو الهداية والتوفيق من الله سبحانه وتعالى الذي قال في محكم تنزيله: ﴿وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ﴾[61]. وقال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[62]. 

قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[63].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

محمد جهاد السمان
مارس/آذار ٢٠١٧ 
العاصمة واشنطن، دي سي
الولايات المتحدة الأمريكية


المراجع:

[1] القرآن الكريم: سورة المائدة – الآية 150 

[2] الحديث النبوي: جامع الترمذي - رقم الحديث 3003 

[3] القرآن الكريم: سورة النحل – الآية 125 

[4] القرآن الكريم: سورة هود – الآية 88 

[5] إنظر المقال المنشور بتاريخ 06/05/2012 في مدونة محمد السمان بعنوان (مؤسسة سوريا

[6] القرآن الكريم: سورة فاطر – الآية 38 

[7] القرآن الكريم: سورة آل عمران – الآية 118 

[8] القرآن الكريم: سورة آل عمران – الآية 173-174 

[9] القرآن الكريم: سورة النساء– الآية 75 

[10] القرآن الكريم: سورة يوسف – الآية 64 

[11] لدى مؤلف هذا الكتاب وثائق رسمية ومستندات وشهود عيان على تلك الممارسات الجنائية الغير قانونية 

[12] حوى، سعيد: المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين– القاهرة، مصر، مكتبة وهبة، ط3، 1984‏ (صفحة 295) 

[13] القرآن الكريم: سورة البقرة – الآية 111 و سورة النمل – الآية 64 

[14] القرآن الكريم: سورة الأنعام – الآية ‏148 

[15] القرآن الكريم: سورة إبراهيم – الآية 12 

[16] القرآن الكريم: سورة المزمل – الآية 10 

[17] القرآن الكريم: سورة الأعراف – الآية 199 

[18] من موقع الشيخ عبد العزيز بن باز رداً على سؤال: سمعت أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، هل هذا صحيح؟ 
"نعم، هذا قاله بعض السلف، ليس حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قاله بعض العلماء، قالوا: "الساكت عن الحق شيطان أخرس، والناطق بالباطل شيطان ناطق" فالذي يقول الباطل ويدعو إلى الباطل هذا من الشياطين الناطقين، والذي يسكت عن الحق مع القدرة ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن منكر ولا يغير ما يجب تغييره ويسكت وهو يستطيع أن يتكلم هذا يقال له شيطان أخرس من شياطين الإنس يعني؛ لأن الواجب على المؤمن إنكار الباطل والدعوة إلى المعروف وإذا استطاع هذا وجب عليه كما قال الله جل وعلا : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (آل عمران:104) وقال سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ(التوبة: من الآية71)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم – : (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه) وقال عليه الصلاة والسلام : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، فهذا يبين لنا وجوب إنكار المنكر على حسب الطاقة باليد ثم اللسان ثم القلب، فالذي يسكت عن إنكار المنكر وهو قادر ليس له مانع هذا هو الشيطان الأخرس." 

[19] القرآن الكريم: سورة البقرة – الآية 42 

[20] الحديث النبوي: صحيح مسلم - رقم الحديث 73 

[21] القرآن الكريم: سورة آل عمران – الآية 103 

[22] القرآن الكريم: سورة الإسراء – الآية 36 

[23] الحديث النبوي: جامع الترمذي - رقم الحديث 1846 

[24] الحديث النبوي: صحيح البخاري - رقم الحديث 5639 

[25] الحديث النبوي: صحيح البخاري - رقم الحديث 6678 

[26] الحديث النبوي: صحيح البخاري - رقم الحديث 6021 

[27] الْمِرَاءَ: المجادلة التي تؤدي إلى الخصومة والخلاف والشقاق والوحشة بين الناس، ويجب على المسلم يجب أن يبتعد عنها حتى تسلم القلوب وتصفى النفوس. 

[28] الحديث النبوي: سنن أبي داود - رقم الحديت 4169 

[29] الحديث النبوي: جامع الترمذي - رقم الحديت 2250 

[30] يقول الشيخ الدكتور صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء: "الأشخاص الذين عندهم انحراف في الفكر أو انحراف في السيرة والمنهج وهم مشهورون عند الناس.. فلا بأس أن يذكروا بأسمائهم وأن يحذر من منهجهم" – كتاب الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة (صفحة 172). وفي رده على سؤال: هل يجب على العلماء أن يبينوا للشباب وللعامة خطر التحزب والتفرق والجماعات؟ قال: "نعم، يجب بيان خطر التحزب، وخطر الانقسام والتفرق؛ ليكون الناس على بصيرة، لأنه حتى العوام ينخدعون!، كَمْ من العوام الآن انخدعوا ببعض الجماعات يظنون أنها على حق؟، فلابد أن نُبيِّن للناس - المتعلِّمين والعوام - خطر الأحزاب والفرق؛ لأنهم إذا سكتوا قال الناس: العلماء كانوا عارفين عن هذا وساكتين عليه!؛ فيدخل الضلال من هذا الباب؛ فلا بد من البيان عندما تحدث مثل هذه الأمور، والخطر على العوام أكثر من الخطر على المتعلمين!؛ لأنَّ العوام مع سكوت العلماء يظنون أنَّ هذا هو الصحيح وهذا هو الحق" - كتاب الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة (صفحة 131). وسُئل أيضاً: لقد استفشى بين الشباب ورعٌ كاذب وهو أنهم إذا سمعوا الناصحين من طلبة العلم أو العلماء يُحَذِّرُونَ من البدعِ وأهلِها ومناهجِها ويذْكرون حقيقةَ ما هم عليه ويردون عليهم وقد يذكرون أسماءَ بعضِهم ولو كان ميتًا لافتتان الناسِ بهم وذلك دفاعًا عن هذا الدين وكفّ المتربصين والمندسين بين صفوف الأمة لبث الفرقة والنزاع فيها فما هو قولُكم في هذه المسألة ؟ فأجاب : "القاعدة في هذا : التنبيه على الخطأ والانحراف وتشخيصه للناس وإن اقتضى الأمر (اِنُّوه) يُصرِّح بِاسمِ الأشخاص لأنهم اغْتُرَّ بهم خصوصًا الأشخاص الذين عندهم انحراف في الفكر أو انحراف في السير، وهم مشهورين عند الناس ويحسنون بهم الظَّن فلا بأس أنْ يُذْكَروا بأسمائهم وأنْ يُحَذَّرَ منهم، والعلماء بحثوا في علم الجرح والتعديل فذكروا الرواة وما يُقال فيهم من القوادح لا من أجل أشخاصِهم وإنما مِن أجل نصيحة الأمة أنْ تَتَلقى عنهم أشياء فيها تَجَنٍّ على الدين أو كذِب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. فأولًا : القاعدة : أَنَّهُ يُنَبَّه على الخطأ ولا يُذْكر صاحبُه إذا كان يترتبُ على ذِكْره مضرة أو ليس في ذكرِه فائدة فإذا وصل الأمر (اِنُّوه) يُصَرَّح باسمه من أجل تحذيرِ الناس منه فهذا من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، يُذكر باسمِه هذا الذي لبَّسَ على الناس وروَّج عليهم مثل مَن كان له نشاط عند الناس ويحسنون الظن به ويقتنون أشرطته وكتبه لا بد من بيانِ أنَّ هذا الشخص (اِنُّوه) كذا وكذا من الأخطاء لا يُنصَحُ به ولا يوثق بما قدمه لأنَّ فيه ضررًا على الناس لا بد من كشف الأمور لا من أجل تجريح الأشخاص أو التَّشَهِّي وإنما مِن أجل النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"– إنظر كتاب (المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان). وأجاب على سؤال: هل يلزمنا ذكر محاسن من نحذِّر منهم؟ فقال: "إذا ذكرت محاسنهم فمعناه أنت دعوت لاتِّباعهم، لا، لا تذكر محاسنهم، إذكر الخطأ الذي هم عليه فقط. لأنه ليس موكولاً إليك أن تزكّي وضعهم، أنت موكول إليك بيان الخطأ الذي عندهم من أجل أن يتوبوا منه، ومن أجل أن يحذره غيرهم، والخطأ الذي هم عليه ربما يذهب بحسناتهم كلها إن كان كفرًا أو شركًا، وربما يَرْجح على حسناتهم، وربما تكون حسنات في نظرك وليست حسنات عند الله" - كتاب الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة. 

[31] الحديث النبوي: المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي - رقم الحديت 1603 

[32] الحديث النبوي: مسند أحمد بن حنبل - رقم الحديت 11652 

[33] الحديث النبوي: جامع البيان عن تأويل آي القرآن - رقم الحديت 11803 

[34] الحديث النبوي: جامع الترمذي - رقم الحديت 2095 

[35] الحديث النبوي: جامع الترمذي - رقم الحديت 2094 

[36] الحديث النبوي: المعجم الأوسط للطبراني - رقم الحديت 36 

[37] القرآن الكريم: سورة هود – الآية 117 

[38] القرآن الكريم: سورة البقرة – الآية 159 

[39] الحديث النبوي: سنن أبي داود - رقم الحديت 3175 

[40] القرآن الكريم: سورة المائدة – الآية 8 

[41] القرآن الكريم: سورة النساء – الآية 135 

[42] الحديث النبوي: مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - رقم الحديت 133 

[43] الحديث النبوي: مسند الشهاب - رقم الحديت 614 

[44] القرآن الكريم: سورة هود – الآية 93 

[45] القرآن الكريم: سورة النحل – الآية 60 

[46] القرآن الكريم: سورة البقرة – الآية 206 

[47] القرآن الكريم: سورة البقرة – الآية 281 

[48] القرآن الكريم: سورة الأعراف – الآية 186 

[49] القرآن الكريم: سورة الأعراف– الآيات 178-179 

[50] القرآن الكريم: سورة القصص – الآية 50 

[51] القرآن الكريم: سورة القصص – الآية 56 

[52] القرآن الكريم: سورة يونس – الآية 25 

[53] الحديث النبوي: جامع الترمذي - رقم الحديث 2194‏ 

[54] القرآن الكريم: سورة هود – الآية 88 

[55] القرآن الكريم: سورة ق – الآية 18 

[56] القرآن الكريم: سورة الأحزاب – الآية 52 

[57] القرآن الكريم: سورة التوبة – الآية 105 

[58] القرآن الكريم: سورة الزخرف – الآية 19 

[59] القرآن الكريم: سورة النساء – الآية 148 

[60] القرآن الكريم: سورة النجم – الآيات 39-41 

[61] القرآن الكريم: سورة الأعراف – الآية 43 

[62] القرآن الكريم: سورة الأنعام – الآية 161 

[63] القرآن الكريم: سورة العصر – الآية 1-3